خديجة.. الزوجة الوفية
خديجة.. الزوجة الوفية
كانت خديجةُ (رضي الله عنها) امرأة جميلة ثرية، توفي عنها زوجها الثاني وتَطَلَّع الرجال من سادة قريش إلى الزواج بها، لكنها بذكائها وفراستها اختارت شابًا فقير المال غني الأخلاق، اختارت محمد بن عبد الله الذي بُعث رسولًا، فكانت له نعم الزوجة، ويوم عاد من غار حراء خائفًا مرتجفًا بعد لقاء جبريل (عليه السلام) لجأ إليها، فطمأنته قائلةً: “كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ”، ثم انطلقت به إلى ابن عمها ورقة بن نوفل ليُبشره بالنبوة، فكانت خديجة أول من آمن به من الناس، ولم يسبقها إلى الإسلام رجلٌ أو امرأة.
ولما اشتد أذى قريش للمسلمين، وترك المسلمون بيوتهم ومعهم بنو هاشم وبنو عبد المطلب وانحازوا إلى شِعب أبي طالب بين جبال مكة؛ قاطعتهم قريش وحرَّمت على الناس أن يتاجروا معهم أو يتزوجوا منهم، واستمرت المقاطعة ثلاث سنوات أجهدتهم حتى أكلوا ورق الشجر، ودخلت خديجة مع زوجها الشِعب، ومع أنها كانت امرأة غنية مرفهة، إلا أنها صبرت وأعانها إيمانها، ثم خرجت وقد أنهكها التعب، فماتت وقد أدَّت ما عليها، ماتت قبل أن ترى انتصارات الإسلام العظيمة.
فكانت أم المؤمنين (رضي الله عنها) من النساء الكاملات، وكان لفراقها أثره في رسول الله (ﷺ) من الحزن الشديد، حتى سُمي عام وفاتها بـ”عام الحزن”. لقد آمنت به إذ كفر الناس، وواسته بمالها، ورُزق منها الولد، وظلت ذكراها حاضرةً في حياته (ﷺ)، تقول أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها): “ما غرت للنبي صلى الله عليه وسلم على امرأة من نسائه ما غرت على خديجة لكثرة ذكره إياها”، وكان يقول (ﷺ) عن السيدة خديجة: “إني رزقت حبها”.
الفكرة من كتاب نساءٌ حول الرسول
كان لنساء المؤمنين في عصر النبوة دورٌ كبيرٌ في نشر الدعوة ونُصرة الإسلام، سطرن بمواقفهن أسطرًا ذهبيةً وصفحاتٍ مُشرقةً في تاريخه، وهن خيرُ مثال وقدوة للمرأة في كل عصر، ويصحبنا هذا الكتاب لننظر معًا في سير ومواقف بعض النساء اللاتي كنَّ حول رسول الله (ﷺ).
مؤلف كتاب نساءٌ حول الرسول
أحمد الجدع: كاتبٌ وأديب فلسطيني. ولد عام 1941، درس في فلسطين حتى نال شهادة الدراسة الثانوية الأردنية ثم الثانوية العامة على النظام المصري (التوجيهية)، وفي عام 1970 حصل على شهادة الليسانس في اللغة العربية، في جامعة بيروت العربية، وبعدها حصل على دبلوم عام في التربية وعلم النفس من جامعة قطر، وفي عام 1982م حصل على دبلوم خاص في التربية وعلم النفس من الجامعة نفسها.
عمل بالتدريس، وعمل كذلك مديرًا لدار الضياء للنشر والتوزيع، وقد أثرى المكتبة العربية بمؤلفاتٍ في الأدب والتراجم وغيرها، منها: “ألقاب الصحابة: مصادرها وقصصها وأهدافها”، و”صحابياتٌ ومواقف”، و”أبو سفيان بن حرب: من الجاهلية إلى الإسلام”، و”أحمد ديدات: حياته، نشاطه، مناظراته”، و”دواوين الشعر الإسلامي المعاصر – دراسة وتوثيق”.