حِيل العقل

حِيل العقل
قد نتساءل عن السبب الذي يدفع عقول المنكسرة قلوبهم لممارسة الإنكار وإطالة أمد انتكاسهم، ويمكننا مقاربة الفهم بالتأمل في أجسامنا، فعندما نصاب بجرح لا تنتظر منا أجسامنا أن نلاحظ ذلك، وإنما تعلن عن ألمها وحاجتها إلى المساعدة صراحةً دون تدخل منا، أما عقولنا فأولويتها أن تجنبنا خبرات الألم الماضية وأن تتأكد قدر استطاعتها من عدم تكرارنا للظروف التي وصلت بنا إلى هذه الآلام، لذلك تبدأ العقول عندما تنكسر القلوب في عملية استحضار متواصل لصورة الفقد وانكسار القلب وتعيد تنشيط ذكراها كلما فكرنا في خوض حالة حب جديدة، فنشعر بالذنب إذا أردنا اقتناء حيوان أليف غير الذي فقدناه، ونضطرب ونخاف التفكير في خوض تجربة حب جديدة.

ويسمى ذلك بصراع المصالح بين العقل اللا واعي وأهدافنا في رحلة التعافي، ولكى نشفى سريعًا يجب أن نعمل بجدية للتغلب على العادات غير الصحية التي يمليها علينا عقلنا اللا واعي، ونغرس بدلًا منها عادات صحية جديدة، وهذا يتطلب أن نتخلى عن مفهومٍ خطأ سائد لدينا عند الحديث عن انكسار القلوب، فعادة ما نقول، سيتكفل الزمن بتضميد جراحنا وبمرور الوقت سيشفى انكسار القلب، قد ينجح الوقت في أداء المهمة المطلوبة منه ولكن ببطء شديد قد يكون أقسى على القلوب من الانكسار نفسه، وقد لا يتمكن من محو كل آثار الانكسار، وأمام تلك الحالة علينا أن نفهم عقولنا أكثر لنجد العلاج المناسب، فبعكس أجسامنا التي تعمل تلقائيًّا في مرحلة الاستشفاء، فإن العقل لا يشبهها، وهذه الحقيقة تحمل مفتاحًا سحريًّا للحل، فنحن قادرون على تدريب عقولنا لتستجيب لرغباتنا، وسنحتاج أولًا إلى تجاوز مرحلة الرغبة والانتقال إلى مرحلة القرار الحاسم بالاستشفاء.
وصحيح أنه لا ضمانات تحمي القلوب من احتمالات الانكسار، لكن قرار المقاومة من أجل التعافي دائمًا بأيدينا، وبالتأكيد يلزمنا الكثير من الشجاعة والحزم والصبر لئلا نسقط مجددًا في دائرة الحزن الشديد، ويمكننا ببساطة حصر ما نحتاج إليه من خطوات في طريق التعافي، وهي: إدراك حيل العقل التي تعرقل تقدمنا وتطيل أمد انتكاستنا، وتلي هذا الإدراك مكافحة الميل إلى الأمان للاحتفاظ بذكرى من فقدناهم، فنظل محاصرين بما يؤلمنا، ثم تأتي مرحلة العطف الذاتي لنرفع من تقديرنا لأنفسنا كي نحارب آلام الفقد التي نعيشها، ثم نبحث عما خلّفه الفقدان من أماكن شاغرة بداخلنا ونبدأ في ملئها من جديد، والأهم أن نتواصل مرة أخرى مع أنفسنا ونستمع إليها بإنصات.
الفكرة من كتاب كيف تصلح قلبًا مكسورًا
عادة ما يُتعامل باستهانة مع حالات انكسار القلب، بخلاف ردود الأفعال على حالات الألم الجسدي الظاهر، وبإدراكنا لذلك سنرفق بقلوبنا أكثر لأننا أفضل من يعلم شدة هذا الألم غير المرئي. في هذا الكتاب سنتعلم كيف نصلح قلبًا مكسورًا، من خلال قصص مجموعة من المتعافين من حالات انكسار القلب، بعضها نتج عن خسارة الأحباء وبعضها الآخر سببه فقد الحيوان الأليف الذي كان بمنزلة أفضل صديق، وأحيانًا كان انكسار القلب نتيجة فقد الثقة بالنفس، وفي قصصهم ستتكشف لنا المشكلات التي قد تتشابه مع قصة أحدنا وسنتعرف الأخطاء التي وقعوا بها وكيف وجدوا الطريق الصحيح لالتئام قلوبهم.
مؤلف كتاب كيف تصلح قلبًا مكسورًا
غاي وينش: طبيب نفسي وكاتب أمريكي، حصل على درجة الدكتوراه في تخصص علم النفس الإكلينيكي من جامعة نيويورك، وأكمل زمالة ما بعد الدكتوراه في تخصص العلاج الأسري والزواجي، وهو متحدث بارز في منصة TED، إذ حصد خطابه الشهير بعنوان: “We All Need to Practice Emotional First Aid” ملايين المشاهدات، وتُرجِمت كتبه إلى 23 لغة، ومن مؤلفاته المنشورة:
الإسعافات الأولية العاطفية: استراتيجيات عملية لمعالجة الفشل والرفض والشعور بالذنب وغيرها من الجروح النفسية اليومية.
The Squeaky Wheel: Complaining the Right Way to Get Results, Improve Your Relationships, and Enhance Self-Esteem
الانتهاكات الخلاقة: كيف تستعيد وهج النشاط والمتعة في حياتك الشخصية والعملية.
نجاحك في صباحك.