حين يكون المُراهق وحده
حين يكون المُراهق وحده
في الحديث عن ظاهرة الانتحار هناك عدة عوامل مرتبطة به مثل: المشكلات السلوكية والنفسية، والإنجازات الأكاديمية المتدنِّية، وقلَّة احترام الذات، وكل هذا قد عُزِّز حين تُرِك المراهق وحده، دون إرشاد ودعم، دون أن يتعلَّم الحد الأدنى من اتباع القواعد المطلوبة.
ويذكر مدير الخدمات النفسية في مدارس “فورث ورث” أثر ترك المراهق وحده فيقول: “حين أتحدَّث مع الآباء والأمهات غالباً ما أجد سيناريوهات مثل: في الحقيقة لا أملك وقتًا كي أجلس إلى الطاولة مع طفلي؛ الطعام هناك ويستطيع أن يأكل وقتما شاء”، وهذا معقول جدًّا في تبرير العنف المدرسي وعدم التركيز أمام المُدرِّس، لأنه لم يتعلَّم ولو لخمس دقائق يوميًّا كيف ينضبط على طاولة الطعام.
بجانب ذلك فإن كثيرًا من الأطفال يشعرون بالإحباط لأنهم لا يجدون من يساعدهم بالعمل المدرسي في بيتهم، فالكثير من الأطفال يحتاجون إلى المساعدة والإشراف في وظائفهم، وكثير من المنازل لا تقدِّم هذا الدعم، فينتهي ذلك لكره الأبناء للمدرسة والدراسة لأنهم لا يشعرون بتحقيق الإنجاز فيها.
وقد أظهرت الإحصائيات أن عدد المراهقين والأطفال المصابين بالاضطرابات الذهنية يزداد كل عام عما قبله، بل إن الأعداد قد تفجَّرت في العقد والنصف الأخيرين، فظهر اضطراب العجز عن الانتباه، والوسواس القهري، والتوحُّد، والاكتئاب، وسبب ذلك البيئة المنزلية الفوضوية، فأعضاء الأسرة الواحدة نادرًا ما يلتقون، ونادرًا ما يتناولون الطعام معًا.
إلى جانب ذلك قد يُحرم الطفل حليب الأم بسبب غيابها، وبهذا فإنه حُرم صحَّة جهازه المناعي ضد الفيروسات التي قد تُصيب الدماغ، وحرمانه من هذا الترابط والقرب الحاصل وقت الرضاعه يُغيِّر في توازنه النفسي واستقرار الهرمونات، ومعرفة تلك النتيجة بسبب انتشار تلك الاضطرابات في مراكز رعاية الأيتام، فإن وضع هؤلاء الأيتام يُترجم كيف يؤثر الفقد في الاتزان الذهني.
الفكرة من كتاب وحيدًا في المنزل
الناظر إلى المجتمع الأمريكي يرى أن الأفراد قد نالوا الحرية في كل شيء، فصارت الخيارات الشخصية مُقدَّمة على غيرها، وقد يعتقد الكثير أنه “نعم” هذا هو المطلوب، وأنه أمر جيِّد، ولكن كانت هذه الحرية المفتوحة كابوسًا جديدًا على عدد كبير من أطفال أمريكا.
تأخذ الأم قرار العمل خارج المنزل، فتترك طفلها في أحد الحضانات أو دور الرعاية حتى ينتهي دوامها، وقد يبدو مشهدًا عاديًّا إذا ما نظرنا إلى قرار تلك الأم وحدها فقط، لكن ماذا عن تراكم ملايين القرارات المشابهة من عدد كبير من الأمهات؟ وما أثرها في الأطفال والمراهقين؟ وما أثرها في السلوك المجتمعي؟ فالكثير ينظر إلى مسألة عمل الأم أو غياب الأب بشكل قاصر على حالة فردية، لكنه ينسى الكارثة المجتمعية الحاصلة.
في هذا الكتاب تكشف لنا الكاتبة من خلال دراسات وإحصائيات وظواهر مجتمعية يعيشها المجتمع الأمريكي مدى أثر هذه القرارات، وكيف تأثَّر المجتمع الأمريكي بهذا الأسلوب في حياة الأسرة.
مؤلف كتاب وحيدًا في المنزل
ماري إبرستاد: باحثة وكاتبة أمريكية الجنسية، وهي زوجة وأم لأربعة أطفال، تعمل في منزلها باحثة لمؤسسة هوفر بجامعة ستانفورد، وهي أيضًا مستشارة تحرير “مجلة بوليسي” ريفيو، نُشر لها عدد من المقالات ومراجعات الكُتب في عدد من المجلات والصحف مثل “تايم”، و”وول ستريت جورنال”، و”ويكلي ستاندرد”.
من مؤلفاتها:
How the West Really Lost God: A New Theory of Secularization.
Primal Screams: How the Sexual Revolution Created Identity Politics.
معلومات عن المترجم
أسامة إسبر: سوري الجنسية، وُلِد عام 1963، وهو شاعر وصحفي ومترجم، صدر له مجموعات شعرية وقصصية، وترجم عددًا من الكُتب منها: “أحلام آينشتاين” لآلن لايتمان، و”نشأة النظام الأبوي” لغيردا ليرنر.