حول الاختيار
حول الاختيار
عند تصوير الدماغ بتقنية الرنين المغناطيسي، وُجد أن هناك خطوطًا قشرية بوسط الدماغ مسؤولة عن تلقي المعلومات من الوسط المحيط عن طريق الحواس، ومن ثم تقييم مردوداتها مثل معرفة أن السكر مذاقه حلو، هذا الجزء قد يساعدنا على توجيه اختياراتنا، ولكن الجزء المسؤول عن عملية اتخاذ القرارات العفوية هو قشرة الفص الجبهي، ويشغل مساحة أوسع لدى البشر من باقي الأجناس؛ مما يدل على أن الاختيار أمر متأصل في طبيعتنا.
كذلك فإن الاختيار أمر فطري نولد به، فعند إجراء تجربة على أطفال رُضّع لم تتجاوز سنهم الأربعة أشهر، في بداية التجربة ربط الباحثون أوتارًا بأيدي الأطفال وتركوهم يتعلمون أنه من خلال شد الوتر يصدر صوت موسيقى ممتع، وعندما قام الباحثون في وقت لاحق بقطع الارتباط بالوتر، وجعل الموسيقى تُعزف على فترات عشوائية، أصبح الأطفال حزينين وغاضبين، على الرغم من أنهم سمعوا القدر نفسه من الموسيقى في كلتا الحالتين، فيتضح من هذه التجربة أن الأطفال لم يرغبوا في سماع الموسيقى فحسب، بل كانوا يتوقون إلى القدرة على اختيارها.
ونجد الاختيار كذلك أمرًا غريزيًّا بالحيوانات، فمن ملاحظة سلوك الحيوانات التي تعيش بالحدائق المخصصة دون أن تسعى للبحث عن الغذاء أو تخاف حيوانات أخرى مفترسة أكثر حزنًا واكتئابًا وأقل أعمارًا من تلك التي تعيش بالبرية وتتمتع بخيارات عديدة وتستطيع اختيار وتحديد مسار حياتها، بل وتحاول تلك الحيوانات المحتجزة الهرب باستمرار.
وعند مقارنة شأن الاحتجاز عند البشر، نجد أن الإنسان قادر على اختيار الحریة حتى عندما يكون أسيرًا، ولكن ترتفع قدرته الصحية عندما يشعر أنه متحكم في اختياراته، فعندما أجريت تجربة سنة 1976 بدار آردن هاوس للمسنين على أيدي العالميْن إیلین لانجر وجودي رودن، قسم المنسق الاجتماعي الدار إلى مجموعتين بدورين مختلفين، وحدد لنزلاء الدور الأول نباتًا معينًا ستهتم به الممرضات وحدد مواعيد مشاهدة الأفلام يومي الخميس والجمعة مع توضيح أن الدار مسؤولة عن تولي رعايتهم، وعلى النقيض بالدور الثاني، حيث تُركت الحرية لكل نزيل باختيار النبات الذي يفضله وجعله المسؤول عن رعايته، وتركت لهم حرية اختيار موعد مشاهدة الأفلام يوم الخميس أو الجمعة، وتوضيح الدار للمسنين أنها حياتهم ولهم مطلق الحرية في التصرف.
وبعد مضي ثلاثة أسابيع وجد أن نزلاء الطابق الثاني كانوا أكثر سعادة مقابل تدهور صحي لنزلاء الدور الأول الذين أعطوا هامشًا أقل من الخيارات.
الفكرة من كتاب فن الانتقاء
تقوم حياتنا على العديد من الخيارات وفي كل لحظة بها، بدايةً من: متى سنستيقظ؟ أو ماذا سنرتدي؟ أو ماذا يجب علينا شراؤه؟ وبمن سنتزوج؟ وغيرها من المواقف التي ربما يكون الاختيار فيها أمرًا مصيريًّا.
إذًا، كيف نختار؟ وما العوامل المؤثرة باختياراتنا؟ وكيف تؤثر الخيارات فينا؟ وهل كثرة الخيارات تساعدنا على اتخاذ الخيار الصحيح؟ قدمت الكاتبة إجابات لتلك الأسئلة بناءً على دراسات في علم النفس وعلم الاجتماع وغيرهما.
مؤلف كتاب فن الانتقاء
شيينا إينغار : أستاذة إدارة الأعمال في جامعة كولومبيا الأمريكية، وحصلت على درجة البكالوريوس من كلية وارتون للأعمال، ودكتوراه في علم النفس الاجتماعي من جامعة ستانفورد.
ترتكز أبحاثها على العديد من جوانب صنع القرار، وقدمت محاضرات في TED حول الاختيار.
وهي من أصول هندية تنتمي للمعتقد السيخي المتشدد في تقاليده وتعاليمه، وأصيبت بالعمى في صغرها نتيجة مرض نادر بالشبكة الصباغية.
من مؤلفاتها:
Think Bigger: How to Innovate.
معلومات عن المُترجمة:
مايا أرسلان: ترجمت رواية “عالم يفصل بيننا”.