حلبة المصالح
حلبة المصالح
تتشكَّل حلبة الديمقراطية السياسية اليوم من العديد من اللاعبين الفاعلين، ويتمكَّن الأفراد من المشاركة في القرارات العامة بالقدر الذي يُسمح لهم في قضايا الرفاهية العامة والموازنة العامة والإنفاق الحكومي والخدمات المقدمة، بالإضافة إلى محددات السياسة الخارجية، ورغم أن الديمقراطية تقتضي الحقوق المتساوية بين اللاعبين؛ فإنها في الواقع أصبحت تهتم كثيرًا بالأوزان النسبية للأصوات لا بعددها، فبعض الأصوات أكثر مساواة من غيرها، ومع انتشار نفوذ الجماعات الوظيفية أصبح للسياسة زبائنها الخاصون الذين لا تعدو أن تكون السياسة أداة طوع أمرهم للحفاظ على مصالحهم الخاصة ولو كانت ضد المصلحة القومية لباقي الجموع الشعبية.
وتلجأ الحكومات إلى الحيل السياسية لمنع تسلُّط الديمقراطية على مناقشتها في الإدارة العامة لشؤون المجتمع، وليس هناك سبيل أنجع من ذلك سوى نقل عملية اتخاذ القرار من حلبة السياسة العامة إلى المؤسسات الحاكمة التي لا تخضع للمساءلة، وتختلف تلك المؤسسات تبعًا لاختلاف النظم السياسية المطبقة في الدول المختلفة، ففي إيران مثلًا نرى السلطة الكهنوتية المتمثلة في ولاية الفقيه، بينما في بعض دول العالم الثالث نجد سيطرة العسكر على مقاليد الأمور في حين أن الأنظمة الملكية نجد فيها الملوك والأمراء، ولكن تبقى الشركات العملاقة هي اللاعب الذي يمكن أن تجده بصورة أو بأخرى في كل تلك الأنظمة.
ومن الملاحظ أن أية اتفاقيات تجارية يتم إنشاؤها تعمل على المزيد من طحن الفقراء، ولا عجب من ذلك، فالأغنياء هم من يصنعونها خلف الكواليس بوصفهم الزبائن المحليين للحكومات، لذا تتم مراعاة مصالح المستثمرين -الشركات الكبرى- على حساب المواطنين في أية معاهدات تجارية، لا سيما مع إعطاء الحق لتلك الشركات بمقاضاة دول بأكملها إذا عرقلت مصالحها، على الناحية الأخرى لا تستنكف حكومات الدول العظمى من دعم وإرسال المساعدات لأنظمة الحكم الاستبدادية التي تمارس إرهاب الشعوب بحق مجتمعاتها طالما ما زالوا متمتعين بالحظوة لدى أسيادهم.
الفكرة من كتاب الربح فوق الشعب
يستعرض هذا الكتاب جذور الرأسمالية والنظام العالمي الجديد، ويتناول الوجه المتوحش الجديد للرأسمالية المعاصرة وقادتها الجدد من الشركات الكبرى، كما يتعرض لهذا الزواج الكاثوليكي بين السياسة ورأس المال والأساليب المستخدمة لترويض الشعوب والسيطرة على الدول وفق أجندتهم الخاصة.
مؤلف كتاب الربح فوق الشعب
أفرام نعوم تُشُومِسْكِي: فيلسوف أمريكي، ولد في 7 ديسمبر 1928 فيلادلفيا، بنسلفانيا، تخرج تشومسكي في جامعة بنسلفانيا وحصل على درجة البكالوريوس في عام 1949 والماجستير في عام 1951، ومُنح درجة الدكتوراه في اللغويات من جامعة بنسلفانيا في عام 1955، وهو أستاذ لسانيات فخري في قسم اللسانيات والفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا التي عمل فيها لأكثر من 50 عامًا، بالإضافة إلى عضويته في كثير من الأكاديميات العلمية المرموقة كالأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، والأكاديمية الوطنية للعلوم والجمعية الأمريكية للفلسفة وغيرها، كما حصل على العديد من الجوائز، ففي فبراير 2008 حصل على الميدالية الرئاسية من جمعية الأدب والمناظرات في الجامعة الوطنية في أيرلندا في غالواي، وعلى جائزة إريك فروم عام 2010 في شتوتغارت في ألمانيا.
له مجموعة من المؤلفات أبرزها: “ماذا يريد العم سام” و”الدول الفاشلة – إساءة استخدام القوة والتعدي على الديمقراطية”، و”قراصنة وأباطرة – الإرهاب الدولي في العالم الحقيقي” و”النظام العالمي القديم والجديد”.