حكمةُ العقلِ والسعادة
حكمةُ العقلِ والسعادة
يعتقدُ معظمُ الناس أن الحياةَ السعيدة، تعتمدُ على امتلاكِ الخَيْراتِ الخارجية؛ ولكن أرسطو يعتقدُ عكس ذلك؛ حيثُ يقولُ إن السعادةَ في الحياةِ لا تقومُ على امتلاكِ الثروةِ الكبيرة، وإنما تعتمدُ على الحالةِ النفسية الطيبة؛ فلن يصفَ إنسانُ أحدًا من الناس بأنه مُباركُ الحظِ من الآلهة؛ لمجرد أنه يرتدي ثِيابًا فخمة، بل سيخلعُ هذه الصفة على مَن وُهِبَ الصحة وتمتَّعَ بالمِزاجِ الجيد؛ حتى ولو لم يكن له نصيبٌ من الزُخرُفِ الخارجي. وبالمثل، لا يَصِفُ المرءُ نَفْسًا بأنها سعيدة؛ إلا إذا كانت مُثقفةً، ومُهذبة؛ فالسعادة جوهريةٌ لا مظهرية، ومعنوية لا حِسِّيّة.
كما أن أولئك الذين ساءت نفوسُهُم، لن ينفعَهُمُ الثراءُ ولا القوةُ ولا الجمال شيئًا، بل إنه كلما توافرت هذه الأمور؛ ازدادت أضرارُها على صاحبِها، إن لم تقترن بالتبصُّرِ والحِكمة.
وفي تأكيده على هذا التوجه المبدئي، يطرح أرسطو سؤالًا: “هل من واجب الإنسان أن يتفلسف؟”.
يُحَاجِج أرسطو، بأن التفلسفَ ضروري؛ فنحن عندما نستعين في سلوكنا بالتفكير، فإنما نهتدي بهدي، وكلما كان التفكير خالصًا، كان أكثرَ شرفًا ورِفْعةً.
لذلك، فإن حكمةَ العقل هي الشيءُ الذي يستحقُ من الإنسان أن يَسعى لطلبه، كما أن الفِطنةَ العمليةَ في الحياة، جديرةٌ بالسعي إليها من أجل الفعل أو السلوك؛ فالإنسان إذا حُرِمَ الإدراكَ الحِسي والعقل؛ صار شبيهًا بالنبات، وإذا حُرمَ العقلَ وحدَه، تحوّل إلى حيوان، أما إذا تحرر من اللا معقول، وتمسّك بالعقل، فقد صار شبيهًا بالإله.
الفكرة من كتاب دعوة للفلسفة
يبدأ أرسطو دعوته للفلسفةِ بالإشارةِ إلى أهميتِها، والتساؤلِ عن الفضيلةِ والخير، ويوضحُ أن كليهما لا يمكن أن يتحققَ، إلا عن طريق معرفةٍ مُتقنَةٍ ورصينة للفلسفة. ويتابعُ حُجَجَهُ ليبيّنَ أن السعادةَ البشرية تقومُ على فاعليّةِ العقل.
يؤكد أرسطو أن القيمةَ المعنوية للإنسان، وانزياحاتِهِ ناحيةَ الداخل، أكثرُ أهميةٍ من قيمتِهِ الماديةِ وتوقعاتِهِ الخارجية.
مؤلف كتاب دعوة للفلسفة
أرسطو طاليس، فيلسوفٌ يُوناني، تتلمذ على يدِ أفلاطون، ويعدُّ واحدًا من عظماءِ المفكرين، ومن أهم مُؤسسي الفلسفةِ الغربية. عَمِلَ على تفسيرِ الطبيعة مُعتمدًا على براعَتِهِ في المُلاحظة، والاستنتاج، والمنطق.
يعدُ ثاني فلاسفةِ الغرب قَدْرًا بعد أفلاطون، ويُعتبرُ صاحبَ الفضلِ الأول في دراستِنَا اليوم، للعلومِ الطبيعية، والفيزياءِ الحديثة، وهو مُبتدعُ علمِ الأخلاق، الذي لا يزالُ من المواضيعِ التي لم يكُفْ البشرُ عن مناقشتها حتى اليوم.