حكايات على أنغام الرصاص
حكايات على أنغام الرصاص
لم يجد القادة المهزومون بعد الحرب وسيلة لحفظ ماء وجوههم سوى طريقين، إما خارج العراق، وإما تجميع أسلحتهم وخبراتهم والانضمام إلى صفوف المقاومة، التي تزايدت أعدادها وشعبيتها يومًا بعد يوم، ومع الإرهاب المتزايد من جيش الاحتلال الأمريكي، أدرك العراقيون أن الموت مدركهم على أي حال.
لا يعبأ الإعلام الغربي بالتباين الشديد بين المقاومة والجماعات الأخرى مثل القاعدة، ويبدو أن كل من يقف أمام الترسانة الأمريكية، يضع نفسه في خانة الإرهاب، بالرغم من كون القاعدة لا تتعدى أكثر من 5 بالمئة من مجموع المقاومة العراقية، ويأتيها الدعم والجنود من خارج العراق، على الدرجة نفسها من السوء نجد المليشيات المدعومة من إيران، التي تهتم بأجندات مختلفة بالكامل عن المقاومة، في الطرف الآخر لم تتورع القيادة الأمريكية عن تجنيد المرتزقة واستخدامهم في الأعمال القذرة؛ نجد مرتزقة البلاك ووتر الذين شاركوا الجيش الأمريكي في اقتحام الفلوجة.
تعمدت السياسة الأمريكية التقسيم الطائفي للفئات العراقية، حتى يكون هناك داعٍ دائم لوجود القوات الأمريكية على أراضي العراق، ليست هذه التجربة بغريبة على العراقيين، فقد مارس المحتل البريطاني هذه الأسلوب مرارًا، وكان رد القبائل بحركة مقاومة متحدة ضد الاستعمار.
أصبح العراق بلدًا بلا أمل، يكون الموت الطبيعي فيه مصادفة سعيدة، ويرى الأحياء أنفسهم غير محظوظين، وربما في يوم هادئ وأنت تعبر الشارع، تجد نفسك تسلية دموية لمجموعة من القناصة الأمريكيين، دفعت جرائم الحرب أولئك الذين تجاهلوا نداء المقاومة في البداية إلى اعتبار الجهاد ضد الأمريكيين واجب الوقت، لم تتح لزيد فرصة للاختيار المسالم، لم تكن مشاركته في المقاومة تتعدى توفير المعلومات والمأوى عند الحاجة، وفي يوم من عام 2006م، أتاه نبأ مقتل أخيه الأكبر غيلة، برصاص قناص أمريكي، ولم تكد تلتئم جراح العائلة، حتى قُتل الأخ الأصغر كريم بنيران المدفعية الأمريكية، فهم زيد أن العدو يناديه، ولم يعد في وسعه أن يشيح النظر.
الفكرة من كتاب لماذا تقتل يا زيد؟ قصّة حقيقة للمُقاومة العراقية
كان احتلال العراق عام 2003م، صدمة أليمة لجميع الباحثين عن العدالة حول العالم، لقد انتهك المعقل الحر ومبشر الديمقراطية جميع القوانين التي سنت وسوف تسن، وسُمي ضحايا العراق من المدنيين أضرارًا وخسائر جانبية، ثم أدت ترسانة الإعلام الغربية دورها المعتاد، الذي لم يكتفِ باللا شيء هذه المرة، لكنه قال ما شاء له البنتاجون.
من خلال قصة زيد ورفاقه في المقاومة العراقية، يقدم لنا يورجن تودينهوفر توثيقًا مضادًّا للرواية الرسمية، إذ يتبدل موضع الإرهابي والضحية، ونرى وجه المستعمر القديم الذي لم تتغير أهدافه كثيرًا، ويفسح مكانًا لقصة الطرف الآخر، نسمع مباشرة من الذين يناضلون من أجل تحرر شعبهم، إنها حكاية من حكايات معذبي الأرض.
مؤلف كتاب لماذا تقتل يا زيد؟ قصّة حقيقة للمُقاومة العراقية
يورجن تودينهوفر: كاتب سياسي وصحفي، وعضو بالبرلمان الألماني، وُلد بألمانيا عام 1940م، درس القانون في جامعات ميونخ وباريس، وبدأ عمله السياسي عضوًا في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، سافر إلى أفغانستان في أثناء الاحتلال السوفييتي، وعمل على جمع التبرعات لضحايا الحرب، كما كان من أبرز المنددين بحروب الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، من مؤلفاته:
من يبكي على عبدول وتانيا؟
أندي ومروة: طفلان جمعتهما الحرب.
عن المترجم:
حارس فهمي سليم: وُلد في محافظة سوهاج في مصر، حاصل على الدكتوراه في علوم الترجمة من جامعة الروم في ألمانيا، يعمل مدرسًا في قسم اللغة الألمانية في كلية الترجمة بجامعة الأزهر، شارك في ترجمة كتاب “أحلام الخليفة” من تأليف المستشرقة الألمانية آني ماريا شمل.