حقيقة الموت
حقيقة الموت
إن أثر وقع كلمة الموت في نفس الإنسان مؤلمة ومرعبة، فهو يعرف أنه سيموت ولكن متى؟ إنه لا يعلم، فكل ما يدور في ذهنه هو صناعة مستقبله والتفاخر بما لديه والانشغال بترف الحياة، فمن المؤكد أن هناك ساعة يموت فيها الإنسان وُضِعت قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكتبتها الملائكة حينما كان جنينًا عمره أربعة أشهر، وعلى الرغم من أن الموت حقيقة حتمية، وممر لحياة أبديه أخرى، فإنه يغفل عنها ويكره ذكرها أو يظن في نفسه أن موته مؤجل، فأغلب قوله عند موت أحد: سأصلي غدًا وسأتوب غدًا، ولكن ماذا إن تداركه الموت في تلك اللحظة؟ كيف يؤمن بالحياة الدنيا ويتخيَّل عمرًا مديدًا لنفسه ولا يستحضر لقاء الله في نفسه؟ فقد يأتيه الموت بغتة ويصبح هو وأحلامه هباءً منثورًا.
وبعض الناس ينفرون من فكرة الجهاد ظنًّا منهم أنه يقرِّبهم إلى الموت، لاينظرون إلى عظم نيل الشهادة، أو أن كثيرًا من الرجال والنساء حتى الأطفال ضحوا بأرواحهم تحت طلقات الرصاص وسهام الأعداء وعادوا إلى أسرابهم آمنين، ومن كان في بيته مات في فراشه، وكم رأينا من ذوي المناصب العليا والظالمين لا يهابون الموت، ويبطشون في الأرض كيفما شاؤوا، ويتحصَّنون في قصورهم العالية وقلاعهم المحصنة ظنًّا منهم أن الموت لا يدركهم.
تدبر في آية ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون﴾، إذ توضح أن هذه الدنيا هي دار المغريات، كل ما فيها سيفنى ويزول، وإن جلسنا في لحظة صفاء مع النفس وجدنا أنها لا تستحق كل هذا العناء، ولأدركنا قيمتها، فهي لا تساوي جناح بعوضة عند الله، ومن فضَّل الدنيا على الآخرة مأواه النار.
الفكرة من كتاب رقائق القرآن
خلق الله (عز وجل) الإنسان لكي يعمر الأرض ويسكنها وسخَّر له ما في السماوات والأرض وما بينهما لحكمة لا يعلمها إلا هو، ولكن الإنسان منغمسٌ في ترف الحياة لا يحاول الانتفاع منها إلا بالقدر القليل، وزيَّن له الشيطان حب الشهوات، ووسوست له نفسه بارتكاب المعاصي وطول الأمل، وهو يغفل عن الموت لا يجهِّز لآخرته، ويسعى الكاتب في هذا الكتاب إلى شرح تأمُّلات لأحداث مرَّ بها واستشعرها بوصف قرآني، وتدور أحداثه حول الإنسان وعلاقته بربه وغفلته عن حقيقة الموت وأهوال يوم القيامة، وقسوة القلوب، ووصف المؤمنين والمنافقين، ومنزلة اليقين عند الله، وفضل التسبيح والتوكل.
مؤلف كتاب رقائق القرآن
إبراهيم بن عمر بن إبراهيم السكران، ولد في 5 ربيع الآخر 1396 هـ الموافق 4 أبريل 1976م، باحث ومُفكِّر إسلامي، مهتمٌّ بمنهج الفقه الإسلامي وبالمذاهب العقدية والفكرية، له العديد من المؤلفات والأبحاث والمقالات المنشورة، وله عدد من الكتب المطبوعة وظهر تحوُّله إلى الفكر السلفي عام 2007.
ومن مؤلفاته: “مسلكيات”، و”الطريق إلى القرآن”، و”الماجريات”، و”الأسهم المُختلطة”، و”مآلات الخطاب المدني”، و”التأويل الحداثي للتراث”.