حقيقة الفتنة
حقيقة الفتنة
في حديث عبادة بن الصامت في قوله: “دعانا النبي (صلى الله عليه وسلم) فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان”، وحديث: “خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم، قال: قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم؟ فقال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة” يكثر الاستشهاد بهما عند الجهر بكف الظلم، وإيراد المطالبة بالحقوق، أو التجمُّع السلمي للمطالبة بالحقوق، وتقرير موقف الشرع من الظلم هو جواب على ذلك.
ولقد حرَّم الله (عز وجل) الظلم على نفسه، كما أن الشرع لم يُجِز إمامة الظالم ابتداءً، وقد أمرنا الله (عز وجل) بعدم الركون إلى الظالمين، كما وعد بالنجاة للأمة التي تجاهد لرفع الظلم فقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍۢ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾، ففي المُقابل كتب الله تعالى الهلاك على ترك الظلم وعدم مقاومته، إلا أن ما يحدث هو تأويل النصوص للرضا بهذا الظلم والكف عن مدافعته.
وفي هذا فتنة أشد من دفعه، لأن ترك المفسدين والمترفين ومن مثلهم مُفسد للناس ومؤذن بانتشار الفساد العام في الأمة، وفي ظلمهم سلب لإرداة الناس وحرِّيتهم، فيصيرون أتباعًا مُجبورين، وذلك عكس دعوة التوحيد التي حرَّرت العباد من عبادة بعضهم بعضًا إلى عبادة خالقهم، فمن ادعى حق السلطة لنفسه بالقوة، فهو مغتصب، فلا حل للنزوع للتسلط إلا بتوافق البشر بينهم على عقد، يلتزمون فيه بالتوافق على أحدهم، فإذا توافقوا بعقد يلزمهم الطاعة، فقد انتفى هنا التسلط، والطاعة واجبة لأنهم اتفقوا على ذلك.
الفكرة من كتاب تفكيك الاستبداد
كيف قامت الخلافة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم)؟ وما منزلة مبدأ الشورى في الإسلام، وما صلاحيات الحاكم على المُسلمين، وكيف تنصح الأُمَّة حُكَّامها؟ من خلال هذا الكتاب يسعى الكاتب إلى تصدي المُلك الجبري، وتفكيك تأصيلاته المنسوبة للشرع، وذلك عن طريق تفكيك مشروعية الاستبداد والفقه المُسيَّس، وتوضيح آثار ذلك على الشرعية والأمة.
مؤلف كتاب تفكيك الاستبداد
محمد العبد الكريم: أستاذ أصول الفقه بكلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، شارك في تدريس مقاصد الشريعة والقواعد الفقهية لطلاب الدراسات العليا بالمعهد العالي للقضاء، كما شغل منصب مستشار بهيئة حقوق الإنسان سابقًا، شارك بعدَّة مقالات في جريدة “المحايد” و”الإسلام اليوم” ومجلة “العصر”، ومن مؤلفاته: “صحوة التوحيد: دراسة في أزمة الخطاب السياسي الإسلامي” و”الاحتساب المدني: دراسة في البناء المقاصدي للاحتساب”.