حقيقة الحُب
حقيقة الحُب
هناك حقيقة راسخة فينا نحن البشر، هو أننا قد خُلِقنا بفطرة مُعيَّنة، وهذه الفطرة تُمكِِّننا من التعرف على وحدانية الله (عز وجل)، فليس هناك مصيبة أو خسران أو أي شيء يسبب لنا ألمًا أكثر من وضع شيء مساوٍ لله في حياتنا أو في قلوبنا، عندما تجعل روحك تحب وتخاف وتخضع لشيء كما لا ينبغي إلا لله وحده، فإنك تُقيِّد روحك في سجن ليس من الفطرة أن تكون فيه.
ولكي ترى صدق ذلك تأمَّل فقط أن تنظر إلى ما يحدث عندما يفقد الشخص معبوده، فالقلب يُدرك أن السجن الحقيقي هو سجن الاستعاضة عن الله سبحانه بشيء آخر، سواء كان نفسك أو ثروتك أو زوجك أو أطفالك، ستأسرك وتستعبدك إذا جعلتها هدفك الأسمى، ولن نخرج من هذا السجن إلا بالتوجُّه التام إلى الله عز وجل، فهو من يعلم ضعفنا البشري، لكن الوقوف مع “الحب” ضروري لإعادة تعريفه، وفهمه بالطريقة التي يرضى بها الله عنا، فإن كان المقصود “الوقوع في الحب” هو تبعثر حياتنا، وجعلنا منكسرين وبؤساء ومنهكين تمامًا ومستعدين للتضحية بأي شيء، فليس هذا هو الحب، في الحقيقة هذا هو الهوى.
إن الحب الحقيقي يُحدث سكونًا لا لوعة، الحب الحقيقي أن تكون بسلام مع نفسك ومع ربِّك، لهذا يقول الله عز وجل ﴿لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا﴾، فالحب الحقيقي لا يشغلنا عن الله، بل يدعم حبنا لله (عز وجل).
ولنا وقفة هنا مع أنفسنا، حين يتحدَّث أحدهم عن حبِّه لشخص ما فإنه يصف شعوره وكأن العالم اختفى عندما يكونان معًا، ولكن في الوقت الذي نشعر فيه بهذه الأحاسيس تجاه شخص ما، فإننا نلتقي الله (عز وجل) خمس مرَّاتٍ يوميًّا، كم مرَّةً شعرنا بأن العالم كله يختفي عندما نكون معه، فهل يمكن أن ندَّعي أن حبنا لله عز وجل أعظم من أي شخص أو أي شيء آخر؟
هؤلاء الذين يسلكون هذا الطريق سيُدركون أن الحب البشري هو الوجهة التي يقصدونها، وحين يكون هذا الحب هو الغاية ستسقط، ستقضي باقي الحياة من أجل هدف زائف، ومن يركض وراء السراب فلن يصل إليه أبدًا، فإن كنت تبحث عن الحُب فابحث عنه من خلال الله (عز وجل)، فهذا هو المنبع الأصلي، وهذا هو عتق النفس من عبودية أي مخلوق.
الفكرة من كتاب استرجع قلبك
يحاول الكتاب في تجربة فريدة إيقاظ القلوب وتقديم منظور مختلف لمعاني الحياة، فما حقيقة الحب والألم؟ وهل التصوُّرات تجاه علاقاتنا بالله وبمن حولنا صحيحة؟ هنا تتناول الكاتبة هذه التساؤلات مُضيفة إليها قدرًا من الهدوء والسلام والنفسي.
مؤلف كتاب استرجع قلبك
ياسمين مجاهد: كاتبة ومتحدثة، حصلت على البكالوريوس في علم النفس، والماجستير في الصحافة والإعلام، وقد درَّست الدراسات الإسلامية بعد إتمامها الدراسات العليا، وهي كاتبة عمود في صفحة الشؤون الإسلامية بجريدة “إن فوكس نيوز”، تعمل حاليًّا كاتبة ومتحدثة على موقع “هاف بوست”، ولها برنامج على إذاعة “راديو نيو ليجاسي” تتحدَّث فيه عن الصفاء والطمأنينة.