حقيقة الاستقرار
حقيقة الاستقرار
عندما نتحدَّث عن النفس نعني ماهيتها ورغباتها وشهواتها، بل وعلاقتها بذاتها وعلاقتها بغيرها من البشر، وفي بعض الأحيان نعتقد أن استقرارها يعتمد على ذاتها فقط، ولا ننتبه أن الله (سبحانه وتعالى) فطر الإنسان على تركيبة ثلاثية يمكن إجمالها في المعادلة الآتية: الإنسان= النفس+ الجسد + الروح، ولا يمكن لأي إنسان أن يطمئن حق الاطمئنان إلا بعد أن يشبع هذه الأركان الثلاثة بشكل متوازن ومُتناغم، مثل النظام الذي يسير على وفقه الشمس والقمر والأرض.
ومن ضمن المفاهيم الخاطئة الاعتقاد أن الإسلام اقتصر في اهتمامه على الروح فقط، وعلاقة الفرد بربه، وينفي ذلك تعامل سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) مع الصحابة، فلم يكن يهتم فقط بتقوية الإيمان في قلوبهم، وإنما كان يهتم أيضًا ببناء نفوس قادرة على العطاء، وقادرة على التحمُّل، ومثال على ذلك الموقف الذي تعرَّض له الصجابي عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه)، عندما صعد شجرة يجتني سواكًا من أراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “ممَّ تضحكون؟”، قالوا: يا نبي الله من دقَّة ساقيه، فقال: “والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أُحُد”، وقول النبي ذلك ليس غرضه إثبات أن ابن مسعود كان تقيًّا، بل من أجل تثبيته هو، ومعالجة أي شائبة تؤثر في نفسه لما لديه من نقص وضعف في الركن الجسدي، فكأن ابن مسعود إذا نظر إلى ساقيه النحيلتين، قال بنفس مطمئنة: هذه بجبل أحد!
وكذلك من المواقف التي تدل على عناية سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) بنفسية الصحابة هو قول ابن مسعود:كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يتخوَّلنا بالموعظة في الأيام،كراهة السآمة علينا.
ولكن في الوقت نفسه فالنفس تحتاج إلى طمأنينة الروح، بتطبيق جوانبها الثلاثة، من الجانب الديني السلوكي بأداء العبادة مثل الصلاة، والجانب الانفعالي، أي الشوق والرغبة الملحَّة بالقلب لأداء الطاعات، وآخر الجوانب هو الجانب المعرفي.
الفكرة من كتاب نحو نفس مطمئنة واثقة
في هذا العصر الذي تتخبَّطنا فيه الهموم والمشاكل، يسعى الجميع نحو نفس مطمئنة وهادئة، لا يشوبها خوف أو قلق وتتمتَّع بالثقة، حتى تستطيع مواجهة صعوبات الحياة، ولتحقيق هذا الهدف إليك بعض الخطوات العملية، على هدي السنة واقتداءً بتعاملات سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، ومن فَهم النفس واحتياجاتها، وكيف تزكيها وتنمي الثقة بها.
مؤلف كتاب نحو نفس مطمئنة واثقة
طارق بن علي الحبيب: طبيب نفسي سعودي، ولد في محافظة عنيزة في منطقة القصيم، حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الملك سعود، ثم واصل دراساته العليا في الطب النفسي في أيرلندا وبريطانيا، وتتركَّز اهتماماته العلمية في علاج الاضطرابات الوجدانية وفي مهارات التعامل مع الضغوط النفسية وفي علاقة الدين بالصحة النفسية.
وهو بروفيسور، واستشاري الطب النفسي، والمشرف العام على مراكز “مطمئنة” الطبية، وبروفيسور واستشاري الطب النفسي في كلية الطب والمستشفيات الجامعية في جامعة الملك سعود في الرياض، ومستشار الطب النفسي للهيئة الصحية في إمارة أبوظبي، وكذلك أستاذ متعاون وممتحن لطلاب الماجستير والدكتوراه بكلية الطب بجامعة عين شمس بجمهورية مصر العربية.
ويشغل منصب محكم علمي معتمد في المجلة العلمية لمنظمة الصحة العالمية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وكذلك في العديد من المجلات الطبية الأخرى، وأمين عام المجلس التنفيذي لمؤتمرات العلاج بالقرآن بين الدين والطب، ومستشار لجنة الطب النفسي والعلاج الروحي في الاتحاد العالمي للطب النفسي.
له عدة مؤلفات، من أشهرها:
كيف تحاور؟
التربية الدينية في المجتمع السعودي.
الفصام.
مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي.
العلاج النفسي والعلاج بالقرآن.
الطب النفسي المبسَّط.
علَّمتني أمي.