حفظ وجدانها
حفظ وجدانها
يحرص الإسلام أن يكون المُسلم سويًّا في جميع الأمور، لذا كان الجانب الوجداني أحد الجوانب التي حرص الإسلام في نفس الفتاة المُسلمة، وخصوصًا أن فترة المُراهقة تكون في الفتاة في حالة من الاضطراب والقلق، لذا كان على الأبوين إشباع حاجتها إلى الأمن والطمأنينة، فهذان الشعوران يكوِّنان لها الثقة التي تجعلها تسير بثبات في هذه الحياة.
فمثلًا تكون الفتاة في هذا العُمر شديدة الحساسية بحاجة إلى الكلمات الطيِّبة التي تُبرز الأشياء الجميلة في سلوكها، وفي شكلها، لذا كان على الأبوين فهم طبيعة هذه المرحلة فهمًا جيِّدًا من حيث التغيرات التي تطرأ عليها في كثير من جوانب حياتها، كذلك ينبغي لهما تقدير شخصيتها حسب ما تقتضيه هذه المرحلة؛ لذا كان الاحترام والقبول مُهمَّين جدًّا خلال التعامل معها، فيتجنَّبان الضرب تمامًا، وغيره من الأفعال التي تؤدي إلى احتقار النفس.
وفي هذه المرحلة تكون مشاعر الغضب والتمرد والثورة هي المُسيطرة، لذا يمكن ضبط هذه المشاعر في الاتجاه المطلوب والمرغوب، فيستثمر الأبوان هذه العاطفة في تعليمها كيف تُهذِّبها وتوجِّهها في مكانها الصحيح، وكذلك تشعر المُراهقة في هذا العُمر بـ”الذاتية”، ويقصد به إعجابها نفسها واعتقادها أن محط أنظار الناس، وقد تميل إلى التعبير عن نفسها من خلال المُذكرات والأشعار والقصص، فإذا ما تم استقبال هذا الشعور بالرفض أو اللامبالاة تصبح ناقمة على من حولها.
لذا كان النقاش وأسلوب الحوار وطرح الأفكار والآراء من الأساليب المهمة التي تُشعر المُراهقة بتقدير ذاتها وتقدير دورها في الأسرة، كما يمكن أن يُكلفها الوالدان ببعض المسؤوليات التي تُناسب عُمرها لتبيِّن لها أنها محل ثقة ويُمكن الاعتماد عليها، بل ويمكن توسيع دائرة المسؤولية من الأسرة إلى المجتمع ليكون لها الدور الإصلاحي، فتتعلَّم كيف تدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وكيف تساعد زميلاتها وصديقاتها على المدرسة، أو تقوم بأعمال تطوُّعية فتساعد الفقراء والمُحتاجين.
الفكرة من كتاب الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المُسلمة في مرحلة المراهقة (ج2)
قد يختلط على كثير من الآباء والأمهات التعامل مع أبنائهم عند بلوغهم سن المراهقة، وذلك لأنهم اعتادوا شخصية أبنائهم في مرحلة الطفولة، إلا أن مرحلة المراهقة يبدأ الإنسان فيها بالشعور بمشاعر مختلفة ويمر جسده بمراحل جديدة تجعله في حالة مختلفة تمامًا عن طفولته، لذا كانت مرحلة المُراهقة من المراحل المهمة التي يجب على الوالدين إدراك طبيعتها ليُكونا خير عونٍ لأبنائهما.
وكما قدَّمت لنا الكاتبة في الجزء الأول حق الابنة كطفلة، تقدِّم لنا في كتابنا هذا كيف للوالدين الاعتناء بابنتهما في مرحلة مراهقتها، لنُدرك معًا كيف يمكن توجيه هذه المرحلة لتكون ولادة ثانية ولكن في القيم والأخلاق والعادات والتقاليد.
مؤلف كتاب الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المُسلمة في مرحلة المراهقة (ج2)
الدكتورة حنان عطيَّة الطوري الجهني: سعودية الجنسيَّة، بروفيسور أصول التربية بجامعة الأميرة نورة بالرياض، حاصلة على درجة بكالوريوس دراسات إسلامية، ودرجة الدكتوراه بأصول التربية، كما أنها تشغل زميل أكاديمية التعليم العالي ببريطانيا.
من مؤلفاتها:
الفكر التربوي: مدارسه واتجاهات تطوره.
القيم الجمالية وتنميتها بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي (منظور تربوي).