حفظ الوقت
يستطيع الناس أن يتمنوا ويتطلَّعوا إلى الأفضل بلا شك، ولكن الحائل بين تلك الأماني وتحقيقها على أرض الواقع هو عدم امتلاك الأساليب والآليَّات التي تحقِّق هذا الطموح، فالتفكير في طبيعة الآليات والوسائل التي يحتاجها الإنسان يعقلن طموحه ويجعله مقبولًا وواقعيًّا.
وأهم آلية هي حفظ الوقت، وحفظ الوقت يأتي أيضًا بمعنى السعي في تصفية النفس حتى لا يصيبها التشتُّت والحيرة، فلا بد للساعي أن يواجه أي إحباط يشعر به، ومن وسائل مواجهة الإحباط تذكَّر أن هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان، وليست دار مكافأة، وأنها ليست على خط واحد، بل تتناوبها الفرص والأزمات.
ومن الآليات أيضًا؛ العمل عند تلاشي الحماس، فلا يشترط الحماس حتى يعمل الإنسان، الأهم هو اقتناع الإنسان بما يفعله، وأن يُفكِّر في لذة النجاح والفلاح التي سيشعر بها حينما يحقق هدفه.
كذلك “الاستيقاظ مُبكرًا”، فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “بورك لأمَّتي في بكورها”، فإذا حرص الإنسان على النوم بعد العشاء والاستيقاظ قبل صلاة الفجر بساعة فيصلِّي قيام الليل ثم يصلي الفجر فيبدأ يومه بعد صلاة الفجر فإنه سيجد بركة اليوم، فالذهن يكون أكثر صفاءً وحضورًا في الساعات الأولى من اليوم، لذا من المقترح أن يبدأ بالمهام الأصعب.
ومن الوسائل أيضًا؛ مراجعة الإنسان لتقدُّمه اليومي، وأن يكون شجاعًا في قوله “لا” أمام كل الأمور الطارئة الخارجة عن أولوياته، وهذا يصبُّ في أهمية التركيز والوعي بالوقت، وذلك لأن كثرة المشتِّتات تجعل الإنسان يعمل كثيرًا ولكن محصِّلة عمله تكون صفرًا.
ومما يختصر على الإنسان وقته ويحفظه، هو أن يتعلَّم من الآخرين، وأن يتعلَّم كيف يقوم بتفويض المهام لغيره، وأخيرًا لا بد من الترفيه عن النفس حتى لا تتعب.
الفكرة من كتاب الانضباط الذاتي
طالما تحدَّثت كُتب التنمية الذاتية عن أهمية ضبط الذات، وأن يكون الإنسان قادرًا على التحكُّم بأفعاله، وفي الغالب يكون غرض هذا النجاح نجاحًا دنيويًّا، وبلا شك هو أمر ضروري، ولكن ما ميزان “الانضباط الذاتي” في غاية وجود الإنسان في هذه الحياة؟
إن قيمة “الانضباط الذاتي” تتضح أهميتها ودورها الكبير إذا ما ارتقى الإنسان بغايته من الحياة، والإسلام جعل غاية الإنسان تحقيق العبودية لله (عز وجل)، لذا فإننا باعتبارنا مسلمين سندرك أهمية قيمة الانضباط الذاتي بشكل أوسع وأهم من أي شخص آخر، فالحياة تشبه المعركة التي لا بد أن نخوضها، والانتصار الأوَّل والأكبر في هذه الحياة هو الانتصار على النفس، وحينما ينتصر الإنسان على نفسه فإنه يتحرَّر من استبعاد العادة والهوى، ويبقى حُرًّا طالما بقي حيًّا.
مؤلف كتاب الانضباط الذاتي
الدكتور عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار: كاتب سوري وأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود، يعدُّ أحد المؤلفين البارزين في مجالات التربية والفكر الإسلامي، حصل على درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة.
ألَّف العديد من الكتب، منها: “تكوين المفكر”، و”طفل يقرأ”، و”القراءة المثمرة”.