حضارة مصر القديمة
حضارة مصر القديمة
يرجع أصل المصريين من آسيا، وجاؤوا إلى مصر عن طريق برزخ السويس، وكانت في الدلتا أول الأماكن التي استوطنوها، وقد تغلَّبوا على طبيعتها بالصبر والمواظبة، فاتخذوا جسورًا للنيل تحفظ مياهه، وجفَّفوا الأرض، وشقُّوا فيها الترع والخلجان، وأسَّسوا في العهد القديم معظم مدائنهم، مثل هليوبوليس، ودندرة، وكانت كل مدينة منها عاصمة لولاية مخصوصة، وتجزَّأت هذه الولايات عدة مرات. وكان القائم على رأس هذه الولايات زعماء يتولَّون الحكومة فيها بالوراثة، وحازوا السلطة الملكية والعسكرية والدينية في أيديهم.
ثم اتحدت هذه الولايات بعضها ببعض وصارت كلها مملكتين متمايزتين؛ إحداهما مملكة الوجه البحري في الدلتا، والأخرى مملكة الوجه القبلي في الدلتا، وفي رواية لا تخلو غالبًا من الصحة أن “منا أومينيس” – أحد عرفاء ولاية ثينيس- هو من ضم كلتا المملكتين إلى الأخرى، وشيَّد دعائم الدولة المصرية عليهما، وكان هذا قبل نحو خمسة آلاف عام قبل ميلاد المسيح.
وكان الملك بمثابة ملكين في شخص واحد لأنه كان سيد الوجه البحري، وسيد الوجه القبلي، وأحب ألقابه لرعيته لفظة “فرعون”، وكان يدعو نفسه “ابن الشمس”، ويُعامل على أنه من نسل الآلهة. وقسم المؤرخ مانيتون الفراعنة إلى إحدى وثلاثين عائلة، فالعائلات العشر الأولى يُسمَّى عصرها بالعصر المنفي أو الدولة القديمة وعصر العائلات العشر الثانية هو المسمى بالطيبي، وقد شطرته إغارة العمالقة (الهكسوس) إلى قسمين هما: الدولة الوسطى، والدولة الأخيرة، أما العائلات الباقية فهي داخلة في العصر الصاوي.
والفن الذي برع فيه المصريون أكثر من غيرهم (العمارة)، فبنوا معابدهم بالحجارة الكلسية، أو الأحجار الرملية، أما الأبواب وبعض الحجرات الداخلية فصنعوها من الصوان (الجرانيت) الوردي أو الأسود، ونظموا هذه المعابد على نسق واحد، وقد صمدت آلاف السنين، فمعابد الوجه القبلي على سبيل المثال محفوظة حفظًا تامًّا، بحيث إن أقل ترميم يعيدها إلى وقت إنشائها، وتقدَّمت الفنون الصناعية بوادي النيل تقدمًا عجيبًا، فكان المصريون يشتغلون بمهارة على الأخشاب والمعادن النفيسة والبرونز والأحجار الدقيقة اللطيفة، وكانوا يصنعون الزجاج المموَّه بالألوان والأصباغ والمنسوجات المطرزة، وكانوا يبعثون بمنتوجاتهم إلى الشام واليونان وإيطاليا، وكثيرًا ما حاكتهم أمم البحر الأبيض المتوسط.
الفكرة من كتاب تاريخ المشرق
المشرق مهدُ الحضارات وأصلها، شهد أقدم الثقافات في العالم، بدأ تاريخه مع بداية الاستيطان البشري، ونهضت عبره العديد من كبرى الإمبراطوريات والحضارات، بَدءًا من حضارة مصر الفرعونية، والحضارتين البابلية والآشورية اللتين قامتا على نهري دجلة والفرات، ومرورًا بالحضارة الفينيقية في سوريا، وحضارة بلاد فارس؛ فهذه الحضارات هي التي تختزل في أعماقها التاريخية العظمة الحضارية لبلاد المشرق.
يتحدَّث غاستون ماسبيرو في هذا الكتاب عن حضارات أربعٍ من الأمم القديمة، فيتناول الأماكن التي سكنوها، ويتحدث عن أصولهم وملوكهم، والإسهامات التي قدموها، والحروب التي دخلوها، ثم ديانتهم، وحِرَفهم وصناعتهم ولغتهم.
مؤلف كتاب تاريخ المشرق
غاستون ماسبيرو Gaston Maspero: عالِم آثار فرنسي من أشهر علماء المصريات، وُلِدَ في باريس عام ١٨٤٦م، وأحْرَزَ تفوُّقًا على أقرانه من علماء المصريات من خلال اطِّلاعه على الآثار المصرية المحفوظة في مُتحف اللوفر، ونقوش المسلَّة المصرية بميدان «لاكونكورد»، وجذب باجتهاده في مجالَيِ الآثار والتاريخ أنظار العمالقة من علماء الكوليج دي فرانس، ومن ثَمَّ تطلَّعوا إلى تنصيبه على كرسي المصريات، ولكنَّ صِغَر سنه حال دون تحقُّق ذلك الأمر، فقرَّروا منحه لقب أستاذ مساعد لمدة يومين، ثمَّ نصَّبُوه بعدها على كرسي علم المصريات، وقد شغل منصب مدير مصلحة الآثار المصرية.
أعاد ترتيب المتحف المصري ببولاق، ونقل محتوياته إلى متحف القاهرة الحالي، واكتُشِفت في عهده مئات التماثيل، وتُوُفِّيَ عام ١٩١٦م، ودُفِن بفرنسا، وقد أُطلِق اسمه على مبنى الإذاعة والتليفزيون المصري؛ تخليدًا لجهده الحثيث الذي بذله من أجل المحافظة على الآثار المصرية. من أهم أعماله ومؤلفاته:
– الفن المصري.
– حكايات شعبية فرعونية.
– الأغاني الشعبية في صعيد مصر.