حروب مواقع التواصل الاجتماعي.. ماهيتها وسماتها، وأدواتها، والمشاركون فيها
حروب مواقع التواصل الاجتماعي.. ماهيتها وسماتها، وأدواتها، والمشاركون فيها
يصعب تحديد مفهوم لحروب مواقع التواصل الاجتماعي بسبب حداثتها وعدم اكتمال أبعادها، ولكن بشكل عام، يتمثل هذا المفهوم في استخدام الشبكات الاجتماعية لجذب اهتمام الرأي العام وتوجيهه أو تضليله، وذلك عن طريق وسائل التواصل الحديثة، وخلال فترة زمنية محددة وبدافع عوامل سياسية أو عسكرية.
وتتميز حروب مواقع التواصل الاجتماعي بعدة سمات رئيسة، منها: ارتباطها بالتطورات السياسية والعسكرية على أرض الواقع، ومشاركة المدنيين فيها بصورة أكبر من العسكريين، بالإضافة إلى أنها حرب لا تشهد هدنة، حتى لو تحققت على أرض الواقع، فلا يمكن إيقافها، ولا يمكن فيها تدمير العدو كليًّا أو إزالته.
ويشارك في حروب مواقع التواصل الاجتماعي عديد من الفاعلين، بدءًا من الأفراد وصولًا إلى الدول والحركات الإرهابية، وتتولى إدارة هذه الحروب عديد من الجهات، بما فيها الدول والأجهزة السيادية التي تمتلك برامج لمراقبة وتحليل المحتوى المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي، والشركات التي تمتلك القدرة على إدارة الحسابات الشخصية، وقادة الرأي العام بما لديهم من مصداقية لدى الناس، والمستخدمون التقليديون بما لديهم من قدرة على ترجيح كفة أحد الأطراف.
ولمعرفة إلى أي مدًى يمكن لأحد الأطراف أن ينتصر في الحرب، يمكن الاعتماد على عدد من المعايير الكمية والكيفية، فالمعايير الكمية تتضمن عدد المؤيدين وتفاعلاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بينما تتطلب المعايير الكيفية وزنًا نسبيًّا للمشاركين الذين يشملون قادة الرأي العام والمؤثرين في المجتمع.
أما عن أدوات الحرب المستخدمة على مواقع التواصل الاجتماعي، فتتميز بخاصية ملاءمتها لطبيعة هذه المنصات، فبعض هذه الأدوات موجودة داخل المواقع نفسها، مثل المعلومات والصور والفيديوهات والهاشتاجات، في ما يوجد بعضها خارج هذه المواقع، مثل البرامج الحاسوبية الكبيرة التي تحلل البيانات وترصد الأنشطة على مواقع التواصل، وهناك أدوات أخرى حقيقية وليست افتراضية، مثل الكتائب الإلكترونية والجيوش الإلكترونية.
الفكرة من كتاب حروب مواقع التواصل الاجتماعي
استطاع الإنسان عبر العصور استغلال البيئة من حوله وفرض نفوذه عليها، بدءًا من الأرض أو الإقليم البري، مرورًا بالبحر أو الإقليم البحري، ومع التطور التكنولوجي، تمكن الإنسان من استغلال بيئة طبيعية أخرى وهي الجو أو الإقليم الجوي، ومع القفزة التكنولوجية المذهلة في عالم الطيران والصواريخ، أمكن استغلال بيئة طبيعية جديدة وهي الفضاء الخارجي.
وبظهور الإنترنت وبزوغ عصر المعلومات، ظهرت لدينا بيئة جديدة وهي الفضاء الإلكتروني، ولكنها تختلف عن سابقتها في أنها ليست طبيعية، بل هي بيئة من صنع الإنسان، ولكنها تتمتع بخصائص تميزها، كسهولة استخدامها وانخفاض تكلفتها، فمن يمتلك آليات توظيف هذه البيئة الإلكترونية الجديدة سيصبح الأكثر قدرة على التأثير في سلوك المستخدمين لتلك البيئة.
وفي هذا الكتاب، سنتناول الإجابة على بعض الأسئلة التحليلية، مثل: ما هو الفضاء الإلكتروني؟ وكيف أثر ذلك المفهوم في تحولات القوة وأشكال الحروب بين الدول؟ وما أدوات القتال في تلك الحروب؟ وما معايير الانتصار؟ وكيف يمكن لدولة أن تتعامل معها؟
مؤلف كتاب حروب مواقع التواصل الاجتماعي
إيهاب خليفة: هو رئيس قسم التطورات التكنولوجية بمركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبو ظبي، وباحث دكتوراه في إدارة المدن الذكية، وباحث سابق بمجلس الوزراء المصري.
تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عام 2009م، ونُشر له عديد من الأبحاث العلمية باللغتين العربية والإنجليزية، حول الحروب السيبرانية، والتهديدات والتحديات الناجمة عن الاعتماد المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
نُشر له كتابان آخران هما:
القوة الإلكترونية، كيف يمكن للدول أن تدير شؤونها في عصر الإنترنت؟
مُجتمع ما بعد المعلومات.