حروب الإعلام والاتصال
حروب الإعلام والاتصال
تعدُّ محطات الإذاعة السرية إحدى أبرز أدوات الحرب المعاصرة، وتكمن خطورة تلك المنصات في أنها تبثُّ إرسالها من مواقع خارج حدود الدولة المستهدفة مما يُصعِّب من عملية إيقافها، وقد تستمر لعقود في بثِّ أفكارها المسمومة وتشكيل الوعي لدى الدهماء من الشعوب، ما يصبح سببًا في إثارة الثورات المجتمعية والقلاقل والنعرات الطائفية وتقلُّص الشعور بالانتماء، وهنا تصبح البلاد المستهدفة مرتعًا خصبًا للعديد من الصراعات والحروب الأهلية والنزاعات بين القوميات والمذاهب والفرق المتناحرة.
وعادةً ما تتسبَّب وسائل الإعلام الحديثة بنقلها مظاهر الترف لدى الطبقات الراقية في تفشِّي مشاعر الحقد الطبقي والبغض والغضب لدى الطبقات الدنيا من الشعوب، نظرًا إلى الإحساس بانعدام العدالة والبؤس والألم والتمايز بين طبقات الشعب المختلفة، وفي الحروب تؤدي الوسائل الرقمية للدول المتحاربة دور سحرة فرعون، حيث تسعى كل دولة إلى استلاب الرأي العام وتزوير الحقائق وكأنها حرب نظيفة، متجاهلة مشاهد السخط والألم والموت والدماء، وهنا يأتي دور الإعلام الموازي لفضح تلك الممارسات، ولعلنا نذكر أن الداخل الأمريكي تحرك ضد قادته لوقف حرب فيتنام بسبب صورة التقطتها عدسة مصور لجنرال أمريكي وهو يطلق النار على فيتنامي أعزل.
وخلال الصراع العربي الإسرائيلي كانت تكنولوجيا الاتصال حاضرة وبقوة في نقل جرائم الاحتلال الإسرائيلي للعالم، فالكل يذكر المظاهرات ومظاهر التأييد العالمي التي جابت أنحاء العالم جراء توثيق استشهاد محمد الدرة في حضن والده والذي أصبح أيقونة الانتفاضة الفلسطينية، وقد وعت إسرائيل الدرس جيدًا فبدأت منذ تلك اللحظة في تضييق الخناق على الداخل الفلسطيني ومطاردة المراسلين والمندوبين لوسائل الإعلام واحتجازهم بل وإصابتهم إذا لزم الأمر، وفي الجهة المقابلة تعمل إسرائيل على تلميع صورتها الخارجية مع تشويه صورة الفلسطينيين ومحاولة وصمهم بالإرهاب، وعلى الجانب الآخر تُشنُّ العديد من الحروب السيبرانية على المسرح الافتراضي بصفة يومية بين الصهاينة والعرب.
الفكرة من كتاب تكنولوجيا الاتصال.. قضايا معاصرة
من الصعب أن تسير عكس التيار وأن تنتقد ما يتفق الجميع على مدحه، فرغم العديد من المؤلفات التي تناولت الثورة التكنولوجية الحادثة اليوم بالمدح وأثرها في الواقع البشري، يبقى لهذا الكتاب ميزة فريدة، وهي الرؤية النقدية التي انطبعت على أغلب فصول الكتاب، حيث يعرض الإيجابيات والسلبيات والمخاطر المحتملة، وتأثيرات عالم الاتصالات الحديث في المرأة والطفل والإعلام والسياسة والحروب.
مؤلف كتاب تكنولوجيا الاتصال.. قضايا معاصرة
الدكتور شريف درويش اللبان: ولد في عام 1965، وحصل على بكالوريوس الإعلام من قسم الصحافة بجامعة القاهرة عام 1987 بتقدير جيد جدًّا مع مرتبة الشرف، فعُيِّن معيدًا بكلية الإعلام في العام نفسه، ثم مدرسًا مساعدًا بعد حصوله على درجة الماجستير في العام 1990، وبعد حصوله على درجة الدكتوراه تمَّت ترقيته مدرسًا في عام 1994، وأستاذًا مساعدًا في عام 1999.
حصل على العديد من الجوائز، ومنها جائزة جامعة القاهرة التشجيعية للبحوث العلمية عام 1997، وجائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية عام 2000، وله العديد من الأبحاث المنشورة في الدوريات العلمية، كما أنه مؤلف كتاب “تكنولوجيا الاتصال.. قضايا معاصرة”.