حتى يكون الدعاء مستجابًا
حتى يكون الدعاء مستجابًا
لقَبول الدعاء شروط لا يصحُّ إلا بها، ولا يرجى لمسلم قبول الدعاء إلا إذا استكملها، أولها الإخلاص في الدعاء لله، ومعناه أن يخلص العبد الدعاء لله ولا يصرفه إلى غيره لأنه يعدُّ من الشرك،كذلك ألا يرائي في دعائه ليجذب أنظار الناس إليه لأن ذلك يحبط عمله عند الله، وليس المقصود ألا يدعو أمام الناس بل أن يقصد بالدعاء وجه الله لا الرياء، وكذلك من شروط إجابته المتابعة، ويُقصد بها حرص المسلم على الدعاء بما كان يدعو به النبي ﷺ، ويعرف هديه فيه.
ولا يبتدع في الدعاء لا في صفته ولا هيئته، ومن شروطه أن يدعو الله بأحد أنواع التوسُّل المشروعة، وهي: التوسُّل لله باسم من الأسماء الحسنى وصفاته، أو التوسُّل إليه بعمل صالح قام به الداعي والتوسُّل بدعاء الرجل الصالح، وذلك بأن يطلب الدعاء من شخص يظنُّ فيه الصلاح، ومن أعظم الشروط الثقة بالله واليقين أنه سيستجيب، لقوله ﷺ: “ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ”، فالله عند ظن عبده به، ومن الضروري ليستجاب الدعاء عدم الإصرار على الذنب والمعاصي، مع حضور القلب في الدعاء، وكذلك أن يكون الدعاء بالخير بعيدًا عن الدعاء بالهلاك والإثم وقطيعة الرحم.
وهناك أمور عدة يفعلها المرء تمنع إجابة دعوته، وينبغي لمن أراد أن يستجيب الله له أن ينتهي عن هذه الموانع ويتجنَّبها، منها: عدم أكل الحرام، وترك الذنوب والمعاصي مع الأمر بالمعروف، وعدم الاستعجال وترك الدعاء حتى لو طالت المدة، ذلك أنه سبحانه يحب الملحِّين في الدعاء،كذلك من موانع الإجابة الدعاء بالإثم والمنكرات.
الفكرة من كتاب كيف يكون الدعاء مستجابًا؟
إن الدعاء علاقة سامية تُلخِّص معنى العبودية، كما أنه علاقة مباشرة بين العبد وربه بلا وسيط ولا شفيع، بمجرد أن يرفع يديه إلى ربِّه ويسأله حوائجه يستجيب له ربه ويعطيه من فضله وجوده وإحسانه، ولذلك قال رسول الله ﷺ: “الدعاء هو العبادة”، ونظرًا إلى أهمية الدعاء في حياة المسلم وضع الشرع له أحكامًا وآدابًا وسننًا ومنهيَّاتٍ تتعلَّق به.
يضمُّ هذا الكتاب بين دفَّتيه رسالة تقف بنا وقفاتٍ شائقة على مظانِّ الدعاء المستجاب، وآدابه بين العبد وربه، ونماذج من هديه ﷺ في ذلك لنقتدي بسنَّته ونتأسَّى به، وتعرَّفنا بما يجب علينا قوله وما لا يجب وما الشروط التي لا يصحُّ إلا بها، حتى إذا استكملها الإنسان يُرجَى له قبول الدعاء، ما إن يأتي الإنسان بها على الوجه المطلوب كانت الإجابة على قدر اجتهاده في تحصيل الشروط والآداب واجتناب موانعه.
مؤلف كتاب كيف يكون الدعاء مستجابًا؟
مطلِق الجاسِر: داعية كويتي، حصل البكالوريوس والماجستير في الشريعة الإسلامية، ونال درجة الدكتوراه في الاقتصاد الإسلامي، يشغل منصب عضو هيئة التدريس بقسم الفقه المقارن والسياسة الشرعية بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الكويت، وخطيب في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمشرف العام على مركز مرتقى للعلوم الشرعية، مركز بيانات.
من أبرز مؤلفاته: «المدخل إلى المعاملات المالية الإسلامية المعاصرة»، و«النقود والمصارف في الشريعة الإسلامية» و« زاد المسلم من العلم النافع».