حادث الفُرقان
حادث الفُرقان
في هذا الكون مهام الحياة تحتاج إلى إعداد، وإعداد الله لعباده أعظم، فقد هيَّأ النبي قبل تبليغه بنبوَّته بخُلُق اشتهر به مثل الأمانة والصدق وحُسن المعاملة وسبق له مشاهدة رؤيا وتحققت، وكان يسمع إذا ابتعد عن قومه بمفرده ليقضي حاجة له “السلام عليك يا رسول الله”، فكان يتلفَّت باحثًا عن صاحب الصوت فلا يجد إلا أحجارًا وأشجارًا، وكذلك حُبِّب إليه الخلاء فكان (صلى الله عليه وسلم) يختلي بنفسه وبخاصةٍ في غار حراء للعبادة في شهر رمضان حتى إذا أتمه عاد إلى بيته، وفي شهر رمضان المبارك جاءه الملك فقال: اقرأ، قال نبي الله: ما أنا بقارئٍ، فأخذه الملك فغطَّه حتى بلغ منه الجهد ثم أرسله وقال له: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئٍ، فأخذه فغطَّه الثانية حتى بلغ منه الجهد ثم أرسله فقال: اقرأ، فقال: ما أنا بقارئٍ، فأخذه فغَّطه الثالثة حتى بلغ منه الجهد ثم أرسله وقال له: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِكَ الَذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ﴾.
عند ذلك رجع رسول الله إلى زوجه خديجة يرتجف وما زاد عليه أنه حين خرج وتطلع إلى السماء وجد سيدنا جبريل مُتمثِّلًا في هيئة رجلٍ صافًّا قدميه ويقول له من السماء: “أنت رسول الله وأنا جبريل”، فدخل وقال لزوجته “زمِّلوني، زمِّلوني”، ثم أخبر السيدة خديجة بما حدث فأخذته إلى ورقة بن نوفل وكان شيخًا كبيرًا نصرانيًّا، فأخبره رسول الله بما حدث فبشره ورقة، وقال: هذا الناموس الذي أُنزل على موسى، ليتني فيها جذعًا شابًّا، ليتني أكون حيًّا حين يُخرجك قومك، فقال نبي الله: أو مخرجيَّ هم؟ فقال ورقة: نعم، فإنه لم يأتِ رجلٌ قط بما جئت به إلا وعُودي، وإن أدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزَّرًا، ثم تتابع عليه نزول الوحي وآمنت به السيدة خديجة، وأتم عليه نزول الوحي ليُتم على المسلمين نعمته ودينهم الإسلام.
الفكرة من كتاب حدث في رمضان
لله نفحات في أيامه وأُمِرنا كمسلمين أن نسأل الله فيها القبول والأعمال الصالحة، ومن أجلِّ أيامِ الله على المسلمين شهر رمضان، فهو شهر المُعجزة التي حلَّت على البشرية حين أُنزل وحي الله (القرآن) على خير خلق الله سيدنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهو شهر القرآن كما قال الله (عز وجل): ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَاسِ وَبَيِنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾، فشهر رمضان شهد أحداثًا عديدة من نزول القرآن وفتوحات للمسلمين وبركات، فلياليه شاهدة على نبي الله وصُحبته وعلى تاريخ عظيم للمسلمين من وقت نزول الوحي حتى وفاة النبي وبعده، والكاتب هنا (رحمه الله) في كتابه يأخذنا برحلة تاريخية شائقة حول أهم أحداث دارت في شهر رمضان المبارك لنعايشها بعقولنا وقلوبنا.
مؤلف كتاب حدث في رمضان
عبد الرحمن رأفت الباشا: أديب سوري تخرَّج في أقدم مدرسة شرعية رسمية في سوريا، وتلقَّى دراسته الجامعية في القاهرة؛ حيث نال الشهادة العالية لكلية أصول الدين في الأزهر، وشهادة الليسانس أيضًا في الأدب العربي من كلية الآداب، ثم درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة القاهرة، وتُوفِّي في إسطنبول عام 1986م.
وله عدة مؤلفات مهمة منها: “صور من حياة الصحابة”، و”صور من حياة التابعين”، و”العدوان على العربية عدوان على الإسلام”، و”لغة المستقبل”، و”صور من حياة الصحابيات”.