جي سي الصديقة
جي سي الصديقة
في بداية عمل أزرا طبيبةً، قابلت “جي سي | JC”، وهي شابة في الرابعة والثلاثين من عمرها، وأم لطفلتين جميلتين، كانت جي سي صديقة أكثر من كونها مريضة، فأزرا عادة لا تقابل مرضى في سن الشباب. بيّنت الخِزْعَة المأخوذة من جي سي تعرض معظم كروموسوماتها للخلل، وهو ما جنته على نفسها بسبب حبها لاستنشاق رائحة البنزين خلال فترة حملها، وبسبب هذا الخلل أُصيبت بمتلازمة “خلل التنسج النقوي | MDS”، وكان الحل الوحيد لإنقاذها من تطور المرض هو عملية زرع النخاع، لكن مع الأسف لم يوجد أي متبرعين، فاستحالت عملية الزرع، وهو ما يلفت النظر إلى حقيقة أن ٢% فقط من السكان مسجلون في بنوك التبرع بنخاع العظم.
عبّرت “سوزان بريكر | Susan Brecker” بشجاعة عن هذه المشكلة، إذ مرت بتجربة شخصية مؤلمة حين احتاج زوجها إلى متبرع بالخلايا الجذعية، لكنه لم يجد، فصنعت سوزان فيلمًا بعنوان “More to live for” بهدف توعية المجتمع بشأن أهمية التسجيل في بنوك التبرع بنخاع العظم، ومع الأسف واجهت جي سي المصير نفسه، إذ تطور مرضها إلى اللوكيميا، واستعانت بالأطباء لتحسين فرص نجاتها، لكن ما حدث هو أنها هي التي حسنت حياة أزرا، إذ أعطتها وفاتها سببًا لتبدأ مشروعها البحثي الخاص، فقد وضّحت حالتها أن الأمل الوحيد في التعامل مع هذا العدو القاتل هو اكتشافه في مراحله الأولى، وتطبيق أفضل التقنيات المتاحة لإيقافه قبل تطوره.
لذا أنشأت أزرا مستودعًا للأنسجة، جمعت فيه عينات متتابعة من المرضى الذين عالجتهم على مدار تطور المرض، وأرفقت بيانات مفصلة عن كل مريض وحالته، ومَنَحَها مستودع الأنسجة رؤًى جديدة عن المرض، كما أجاب عن كثير من الأسئلة الأساسية، لكن نطاق المشروع ظلّ محدودًا، إذ تضمنت الأبحاث بضع مئات من العينات فقط، أرادت أزرا التوسع وإجراء دراسة منهجية دقيقة، لكن كل طلب تقدمت به لإجراء هذه الدراسة رُفِضَ. شعرت أزرا بالإحباط، لكنها تمسكت بمشروعها وتحدثت عنه في كل فرصة أُتيحت لها، كتبت المقالات وحضرت المؤتمرات، حتى تلقت مكالمة غير متوقعة من “باتريك سون شيونج | Patrick soon-shiong” يخبرها فيها باهتمامه بمشروعها الخاص، منحنها باتريك ما كانت تبحث عنه لاستكمال أبحاثها، إذ قدمت منظمته الخاصة دعمًا ماليًّا يكفي للتفرغ لأبحاث السرطان، شعرت أزرا حينها أنها سترد الجميل إلى جي سي بمنح حياتها لدراسة السرطان وعلاجه.
الفكرة من كتاب الخلية الأولى: والتكاليف البشرية لمكافحة السرطان حتى النهاية
لم تكتب أزرا هذا الكتاب خلال شبابها لافتقارها إلى الخبرة الحياتية، وعندما حصلت عليها تغيرت تصوراتها، فالمرض المميت الذي تعالجه علّمها إعادة النظر في مسلمات آمنت بها، علّمها الفرق بين عدم الشعور بالألم والشعور بالراحة، وعلى الرغم من أن القضايا العلمية ستكون عنصرًا أساسيًّا في محتوى الكتاب، فإن السبب الحقيقي الذي دفعها إلى كتابته هو مساعدة مرضى السرطان.
وافق المرضى على رواية قصصهم مع أسمائهم وصورهم الشخصية، أما عن دور أزرا في الكتاب فهو يحمل أبعادًا عدة، فهي طبيبة أورام وباحثة وزوجة ثم أرملة، تشكك في توصيات الخبراء واختيارات العائلات وحتى قراراتها الشخصية، وتطرح عدة تساؤلات، منها: هل قراراتنا مبنية على حقائق ثابتة؟ هل تفتقر الدراسات إلى الكفاءة؟ وإن لم نتمكن من توفير حياة أفضل للمرضى، فهل يمكننا ضمان نهاية أفضل؟ فعندما يتعلق الأمر بالمعاناة البشرية تندمج الدوافع العلمية والعاطفية والطبية والشعرية، فدعونا نسمح لأفكار الكتاب أن تكسر جمودنا.
مؤلف كتاب الخلية الأولى: والتكاليف البشرية لمكافحة السرطان حتى النهاية
أزرا رازا: طبيبة أورام وباحثة في مجال سرطان الدم، وهي مديرة مركز متلازمة “خلل التنسج النقوي | MDS” في جامعة كولومبيا، وساعدت أبحاثها في مجال سرطان الدم على الكشف عن عديد من ألغاز السرطان، ولها عدة أبحاث ومؤلفات منشورة، منها:
A Tribute to Ghalib: Twenty-One Ghazals Reinterpreted
ملحوظة: لا توجد ترجمة عربية لهذا الكتاب.