جيل مرهف الحس
جيل مرهف الحس
يتصف الجيل الحالي بالتمركز حول مشاعره واتباعها في كل القرارات، الإنسان بطبعه يميل إلى الجانب الشعوري عن الجانب العقلاني، وهذه الحقيقة البسيطة يتم استغلالها يوميًّا من السياسيين والاقتصاديين وصناع الأفلام ورواد الأعمال ولا تخيب أبدًا، فالعزف على وتر المشاعر ناجح دومًا.
يؤدي هذا التضخيم في الجانب الشعوري إلى ضمور في المفاهيم الأساسية والمعاني العظيمة، فالزواج مثلًا لم يعد في مواصفاته المودة والرحمة وحمل المسؤولية وتقاسم أعباء الحياة، إنما رحلة مفعمة بالرومانسية على حصان أبيض ذي أجنحة، وإلا فهو زواج فاشل.
فيجب على الإنسان التفريق بين العواطف الدائمة والمشاعر اللحظية العابرة، فليس كل تعلق بشيء يعني صلاحه أو مناسبته، بل ينبغي التثبُّت والعقلانية في الحكم، ولأجل عدم جرح أي مشاعر فهناك ميل عام إلى ترويج دعوة عدم إصدار الأحكام على أي شخص أو سلوك أو فكرة، ويوازيه الدعوة إلى زجر من يحاول تقديم النصح أو التوجيه بأن ينشغل بنفسه ويترك الحكم على الآخرين.
السبب في ذلك هو خوف الشباب من النقد وكرههم للتوجيه، فكل كلمة لا تحمل الموافقة على أفعال وأفكار الشخص تُصَنَّف كهجوم أو تثبيط أو إساءة.
هذه الدعوة تتعارض كليةً مع طبيعة الإنسان الذي هو بفطرته كائن أخلاقي يميل إلى إصدار الأحكام، ونفي الأحكام بالكلية سوف ينتج عنه أن كل شيء سيصبح متساويًا، ومن ثَم كل شيء يفقد قيمته، كما أنها تتعارض مع مبدأ من أهم مبادئ الشريعة الإسلامية: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وغني عن الذكر أن الأمر يجب أن يكون منضبطًا، فلا يحقُّ لكل الناس توجيه النقد المستمر فيما يعرفون ولا يعرفون، ولا يسلم عاقل أذنه لكل ناقد أو حاقد، بل يسمع من أهل الخبرة والعلم والديانة.
الفكرة من كتاب الهشاشة النفسية
يناقش هذا الكتاب ظاهرة نفسية مجتمعية جديدة آخذة في النمو والانتشار بشكل متصاعد في مجتمعنا العربي، وبخاصةٍ بين الشباب في السنوات الخمس الأخيرة، وهي الهشاشة النفسية، وهو مصطلح حاضر بقوة في الأدبيات النفسية الغربية، لكنه ضعيف الحضور بين المتخصصين العرب.
يهدف هذا الكتاب الذي يُعَدُّ باكورة المؤلفات العربية عن الهشاشة النفسية إلى تسليط الضوء على الظاهرة، ولفت نظر المعنيين بالأمر إلى ضرورة أخذها في الاعتبار بمزيد من الأبحاث والدراسات، ويطرح أهم الأسباب في نظر الكاتب لتفشِّيها السريع بين الشباب مع اقتراح بعض الحلول لمواجهتها.
مؤلف كتاب الهشاشة النفسية
إسماعيل عرفة طبيب صيدلي مصري تخرَّج في كلية الصيدلة جامعة الإسكندرية في عام 2018م، وهو باحث ومترجم ومهتم بقضايا الإلحاد الجديد والشبهات حول الإسلام، له العديد من التقارير والمقالات في العديد من المنصات المهتمة بالقضايا العقدية والفكرية.
صدر له كتاب “لماذا نحن هنا؟ تساؤلات الشباب حول الوجود والعلم والشر والتطور” عام 2017، ونقل إلى العربية كتاب “صنع الدولة الحديثة: التطور النظري” لبريان نيلسون عام 2019.