جولة في خلايانا
جولة في خلايانا
في أجسادنا تريليونات من الخلايا، وخلايا الإنسان أكبر وأعقد من الخلايا البكتيرية، وإن تشابهت معها في وجود أغشية وأحماض نووية وريبوسومات تبني الروتينات وإنزيمات ذات مهام متنوِّعة وغير ذلك، وأكثر ما يُميِّزها امتلاؤها بحُجيراتٍ كثيرة تنتقل الجزيئات بينها بتحكُّم مباشر من الخلية؛ منها النواة التي تعدُّ مكتبة الخلية، والشبكة الإندوبلازمية، وجهاز جولجي، وغيرها.
وكذلك تتميَّز بتخصُّص كل مجموعةٍ من الخلايا في مهمة معينة، ويختلف تركيبها بناء على وظائفها، ورغم تعدُّد المهام فإن كل الخلايا تحمل نفس الـDNA الذي ورثه الإنسان من والديه لأنها تنتج من خلية بويضة مخصَّبة واحدة، لكن كل نوعٍ من الخلايا يبدأ الالتزام بمهماته الخاصة في الأشهر الأولى من عمر الإنسان، إلا قليلًا من الخلايا تظل قادرة على أداء وظائف متعدِّدة تُسمَّى الخلايا الجذعية.
ويظهر اختلاف التخصُّصات بوضوح في بعض الخلايا، مثل الخلايا العصبية المتخصِّصة في التواصل السريع عبر مسافاتٍ طويلة من خلال إشارات كهربائية تمرُّ في المحاور العصبية التي قد يصل طولها إلى متر، وإشارات كيميائية تحملها الناقلات العصبية عبر التشابك العصبي إلى خلايا أخرى، وكذلك خلايا العضلات التي تحوي محرِّكات جزيئية من بروتينات الأكتين والميوسين يدمجها التيتن القوي المرن، تتجمَّع حركاتها الطفيفة لتشكِّل حركة مثل حركة ذراعنا، وأيضًا خلايا الدم الحمراء تركِّز طاقتها على بناء الهيموجلوبين الذي يحمل الأكسجين ويُكسب الدم لونه الأحمر وتتخلَّى في أثناء نضجها عن نواتها وكل آلاتها الجزيئية.
ومع عدد الخلايا الكبير لا بد من وسائل جزيئية لربط الخلايا لتدعيم الخلايا وربط بعضها ببعض على مستويات مختلفة، ومنها وجود الهيكل الخلوي Cytoskeleton المبني من بروتين الأكتين، والشعيرات المتوسِّطة من الكيراتين أو البروتين الصفائحي، والأنابيب الدقيقة التي تعمل كسكة حديدية في الخلية، وفي مستوى أكبر نجد أنسجة من مواد تركيبية مثل الكولاجين الذي يُشكِّل ربع البروتينات في أجسادنا. أما التواصل بين الخلايا فيكون بارتباط السيتوبلازم في الخلايا المتجاورة عبر وصلات في الفراغ وسداسيات البروتين فيها، ومن خلال مركَّبات مثل السيتوكينات التي تبني حوارًا بين الخلايا كما يحدث عند هجوم الفيروسات، ومثل الهرمونات التي تحمل الرسائل خلال الدم إلى أجزاء الجسم المختلفة.