جورج أورويل كان محقًّا
جورج أورويل كان محقًّا
في رواية 1984، صوّر الكاتب البريطاني جورج أورويل عالمًا يخضع لسيطرة الشمولية، كل شيء مخطط له ومراقب بدقة من السلطة، حتى أدق تفاصيل الأفراد معلومة، بل وسلوكياتهم مُتَحكم فيها، ويشاهد الحاكم -وهو الأخ الكبير- كل شيء يدور عبر الشاشات، كان أورويل يحذر العالمَ في الرواية مستقبلًا مظلمًا إذا استسلم الأفراد وتخلوا عن حريتهم وخصوصيتهم، وبالنظر إلى عصرنا فللوهلة الأولى نجد اختلافًا كبيرًا، فالديمقراطية تتحكم في أغلب الدول، وتنتشر المعلومات في حرية عبر الإنترنت، ويختار الفرد ما يريده باستقلالية.
ولكن إذا تأملنا عالم أورويل فسنجد تشابهًا كبيرًا مع عالمنا، فقد تبدلت الاتجاهات الشمولية وصورها، واستُبدلت السيطرة الرقمية بالأخ الكبير وحزبه، فالمواطنون يستسلمون للتبريرات الرقمية ويتقبلونها، وكلهم بلا استثناء مراقبون تحت عدسة المجهر، ولا يتمتعون بحرية المعلومات المزعومة، بل يعانون تشوشًا في مصادرها الموثوقة، وبجانب تضليل وسائل ومصادر الإعلام بالإضافة إلى تأثير العنصرية العرقية والقومية، يصبح من الصعب التفرد باختيار صحيح.
وتغذي مواقع التواصل الاجتماعي معاناة الأفراد مع المعلومات على عكس المعتقد الشائع، فالأكاذيب الكبيرة سهلة التصديق، والسلوك البشري قابل للتلاعب به أو توجيهه، حتى في أكبر الدول بالعالم وفي أهم حدث سياسي لها وهو انتخابات الرئاسة، فبياناتنا تباع لوسطاء مقابل المال، وللوسطاء حرية استخدامها لأي غرض يريدونه، في ظل عجز القائمين على التكنولوجيا بالتنبؤ أو تحديد المخاطر المهددة لخصوصيتنا ومدى تأثيرها في العالم، مما أثار غضبًا كبيرًا مؤخرًا، وتسبب في التحقيق مع أحد أكبر رؤوس التكنولوجيا وهو مارك زوكربيرج مالك فيسبوك.
الفكرة من كتاب العبودية مقابل الأمن – تكنولوجيات السيطرة على البشر
كَتَبَ المؤرخ جون بانْڤِيل “لا يمكن أبدًا إعاقة أي رجل عن التفكير في أي شيء يختاره ما دام يخفيه”، فهل يمكننا المحافظة على سرية ما بعقولنا في العصر الرقمي؟ وهل نستطيع من الأساس أن نتوقف عن التحدث عن أنفسنا على منصات التواصل الاجتماعي؟
تشكّل التكنولوجيا الرقمية جزءًا مهمًّا من حياتنا اليومية، فهي تساعدنا على التواصل والحصول على المعلومات بشكل أسرع وأسهل، ويناقش أغلب الخبراء أضرار التكنولوجيا الرقمية للإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي من الجانب السلوكي للأفراد، ولكن يوجد جانب أخطر بكثير من إدمان الإنترنت، وهو السقوط في العبودية والتخلي طوعًا عن الحرية. كيف يحدث ذلك؟ ولماذا؟ وكيف تقود التكنولوجيا الرقمية العالم إلى حافَة الانهيار؟ سنغوص في أعماق الجانب المظلم للتكنولوجيا لنعرف الإجابات.
مؤلف كتاب العبودية مقابل الأمن – تكنولوجيات السيطرة على البشر
ندى الربيعي: ولدت في العراق عام 1979م، وحصلت على بكالوريوس البحوث العملية عام 2003م من الجامعة الملكية الهولندية بلايدن، بالإضافة إلى ماجستير في الصيدلة عام 2008م بأوترخت في هولندا، لها باع طويل في مجال الأعمال فحصلت على جائزة سيدة أعمال هولندا لعام 2015م، واختيرت في العام التالي من ضمن أفضل مئة شخصية مؤثرة في هولندا، بجانب حصولها على الترخيص الأسود الدولي في إدارة الأعمال والمشاريع عام 2019م، ولها عدة مقالات سياسية في الشأن العام للعراق وهولندا بجانب إدارتها لعديد من الصيدليات في مناطق مختلفة بهولندا، ولا يؤثر ذلك في انخراطها في الأنشطة التطوعية المساعدة للاجئين.
عباس الزبيدي: مهندس ولد ببغداد عام 1979م، حصل على بكالوريوس الهندسة الطبية عام 2001م ثم الماجستير عام 2004م من جامعة النهرين، ثم عمل مدرسًا بكلية هندسة الخوارزمي بجامعة بغداد بجانب عمله اختصاصيًّا للرنين المغناطيسي والطب النووي، وحصل على منحة DAAD الألمانية لدراسة الدكتوراه في تخصص هندسة المعلومات الطبية من جامعة آخن التقنية