جودة الخداع
جودة الخداع
تفوُّق اليهود وحقارة العرب.. مُبرر ممتاز ليدخل اليهود أرض فلسطين، بل هم المُخِلّصون المنُقذون لهذه الأرض من أيدي هؤلاء الأغبياء.. هذا ما صرَّحت به الروايات الصهيونية في القرن العشرين، فقد تعدَّدت الأوصاف التي تُحقِّر العرب وأطفالهم، وتُبيِّن كيف أنقذ الإسرائيليون أرض فلسطين، فيقول أحدهم: “الأطفال العرب تبدو حياتهم عديمة النفع، عكس معنويات الأطفال اليهود، لم يكن يبدو أي نوع من المرح والأغاني والألعاب والأهداف بين الأطفال العرب، بل كان وجودهم جامدًا لجيل جديد يولد في قافلة أبدية تسير في صحراء لا نهائية”.
وفي وصفهم لشجاعة العربي يقولون: “دون أن يقاتلوا من وراء تحصينات من أسمنت مسلَّح فلا قيمة لهم على الإطلاق، أن تمشي إلى القاهرة والسويس ليس أصعب من أن تقطع الزبدة بالسكين”، فهذه الأوصاف كلها في العربي الذي رفض دخولهم، أما في وصفهم للعربي المتعاطف معهم سنجد أن الأمر قد تغيَّر تمامًا.
والعجيب أن المبرِّر لغزو فلسطين عند اليهود بسبب الاضطهاد الذي تعرَّضوا له في أوروبا في مذابح هتلر، والسؤال هنا: ما علاقة العرب بهتلر؟ وما شأن العرب في دفع ثمن مذابح قامت بها أوروبا؟ ويربط اليهود بين ذلك وذاك في محاولة لتبرير دخول أرض فلسطين، وليس لتفسير دخولهم، وأيضًا كسب التعاطف الأوروبي لقضية اليهود، فقد زيَّفوا لأوروبا أن أرض فلسطين هي الأرض الوحيدة التي يستطيع أن يعيش فيها اليهود بأمان، ولا يُذكر أبدًا أن هناك سكَّانًا أصليين، فهذا موضوع منتهًى منه، فهم يقولون: إن اليهود هم الخلاص الأوحد للشعب العربي، إنهم الوحيدون الذين جلبوا الضوء إلى هذا الجزء من العالم في السنوات الألف الأخيرة.
الفكرة من كتاب في الأدب الصهيوني
لم تظهر الصهيونية بين عشيةٍ وضحاها وسط العرب، فاحتلال الأرض هو المرحلة الأخيرة بعد احتلال كثير من الأشياء أولًا، مثل احتلال الأفكار والأذواق والآراء، حينها يتسع المجال لاحتلال الأرض!
إن الصهيونية قد لعبت دورها في “الأدب” قبل “السياسة”، فبالأدب تستطيع تغيير الأفكار وتزييف الحقائق حتى تقوم سياسيًّا على زيف وباطل دون أن يقف أمامك الكثير، فما كان مؤتمر بال سنة 1897م إلا ولادة الصهيونية السياسية التي مهَّدت لها الصهيونية الأدبية، ولأن كاتبنا مُميَّز بقلمه وعقله، فقد قام بتتبُّع الأدب الصهيوني الذي كُتِب لخدمة حركة الاستعمار سواء من يهود أو متعاطفين معهم لفترات طويلة مُبيِّنًا كيف لعب على الحقائق وزوَّرها ليُخرج أجيالًا مُضلَّلة ثقافيًّا، ترفض الحقيقة، وتُمهِّد للصهيونية أغراضها.
مؤلف كتاب في الأدب الصهيوني
غسَّان كنفاني: روائي وصحفي فلسطيني، وُلد في عكا الفلسطينية عام 1936م، أُجبِرت عائلته على الانزياح إلى لبنان ثم إلى سوريا بسبب الظروف السياسية التي مرت بها فلسطين، عاش في دمشق ثم انتقل إلى الكويت وعمل فيها مُدرِّسًا، وبعد ذلك انتقل إلى بيروت حتى عام 1972م، حيث استُشهِد في انفجار سيارة مفخَّخة على أيدي عملاء إسرائيليين.
كان غسان عضو المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ورئيس تحرير مجلة الهدف، ويعتبر أحد أشهر الكتَّاب والصحفيين العرب في القرن العشرين.
صدر له أكثر من 18 كتابًا، وعدد كبير من المقالات، إضافة إلى إنتاج غير مكتمل، ومن أبرز مؤلفاته:
“أرض البرتقال الحزين”، و”رجال في الشمس”، و”أم سعد”، و”عائد إلى حيفا”.