جنون السرقة
جنون السرقة
قد يبدو لك أن مشاكل الزواج هي ما لها علاقة بالزوج والزوجة فقط، ولكن الحقيقة أن العديد من الأسر تلجأ إلى الطبيب النفسي لمساعدة أولادهم، لا يمكن أن نسمي أي مشكلة تحدث للأطفال بأنها خلل في التربية أو تقصير من أحد الطرفين، ولكن يمكن أن يكون هناك أسباب أخرى، كالسرقة مثلًا: فقد تعرف أن شخصًا ما يسرق لحاجة، وشخصًا آخر يسرق لينتقم، ولكن ماذا إذا كان المريض غير محتاج ويسرق أشياء ليس لها قيمة ولا يهتم باقتنائها ويمتلك أضعاف قيمتها النقدية؟ هنا يجب أن يتدخل الطب النفسي ليخبرنا أن المريض مصاب بـ”جنون السرقة”، فهو ليس سارقًا رغم أنه يتعدَّى على ملكية الآخرين، فلم يكن ينوي أن يسرق، بالعكس؛ هو بداخله رغبتان: رغبة تلح عليه أن يحصل على الشيء، ورغبة أخرى تلح عليه أن يبتعد عنه لاعتبارات الشرف والأمانة، لكن للأسف تفوز الرغبة السيئة، لكن اللص الحقيقي ليست لديه هذه الرغبة التي تمنعه، بل هو يخطِّط للسرقة والانتفاع بعدها أيضًا.
ويفسِّر الطبيب هذه الأعراض بأنها من أعراض الهوس وليس رغبة في إيذاء الآخرين، بل يمكن أيضًا أن تكون من علامات الاكتئاب، ولذلك قد تكثر عند النساء قبل دورتهن الشهرية لأنها قد تعاني الاكتئاب في هذا الوقت، والحقيقة أن هذا الأمر قد يبدأ منذ الطفولة عندما يشعر الطفل بأنه منبوذ، مُهمَل من الجميع، يفتقد الحب واللذة؛ لذلك قد يلجأ إلى سرقة أي شيء وكأنه انتقام صغير منه عن الحب الذي سُرِق منه، لعلَّه يشعر بالرضا لبعض الوقت، فعندما يكون عنده حاجة ملحَّة للشعور بالأمان أو الحب أو سماع كلمة طيبة ولا يجد أي شيء تراه يسرق ليعوِّض مشاعر امتلاكه لأي شيء ثم سرعان ما يطمئن بالفعل؛ إذن فالحل واضح، هذا الإنسان متألم، ويعاني منذ طفولته فأصبحت لديه حساسية تجاه أي موقف إنساني، فلو أردت مساعدته حاول أن تعوِّضه عما يفقده وتقوِّي ثقته بنفسه وتجعله يشعر بالاكتفاء الداخلي حتى لا يبحث عنه بصورة خاطئة عن طريق التعدِّي على ملكية الآخرين.
الفكرة من كتاب أزواج وزوجات أمام الطبيب النفسي
قبل أن نبدأ إن كنت تظن أن زيارة الزوج أو الزوجة للطبيب النفسي بسبب مشاكل زوجية فقط، فأنت لا تعي من حقيقة الأمر شيئًا، فمشاكل كثيرة تحدث بعد الزواج لا نلقي لها بالًا رغم أنها قد تودي بحياة أصحابها لها جذور قديمة، لكننا نشعر بآلام الآخرين الجسدية لأنها مرئية ولأننا نستطيع سماع آهاتهم، أما بالنسبة للآلام النفسية فلا يراها أحد، رغم أنها قد تصل بالمرء إلى الانفصال عن واقعه، أو حتى الانتحار لشعوره بالضيق وعدم وجود مساعدة؛ لذلك كان واجبًا علينا ألا نهمل العلامات الواضحة التي تحتاج إلى علاج؛ حرصًا منَّا على صحة ذوينا، فبم تشعر المرأة بعد الطلاق أو الترمُّل؟ ما الجزء الذي لا نراه؟ وما الذي سيشعر به الرجل إن وجد من ينافسه في حب زوجته؟ وما سبب حدوث النفور الشكلي أو الزهد؟
يجيب الدكتور عادل صادق عن هذه التساؤلات وأكثر، ويوضح العلامات التي تتطلَّب مساعدة نفسية على لسان أصحابها، ثم يعلق عليها باعتباره الطبيب النفسي لهما، فيتناول الموضوع من وجهة نظر علمية، ويحاول طرح حلول بسيطة لهذه المشاكل لعل أحدهم يجد حالًا مشابهًا لما يمر به ويعرف الحل.
مؤلف كتاب أزواج وزوجات أمام الطبيب النفسي
الدكتور عادل صادق عبدالله عامر: طبيب نفسي مصري ولد في التاسع من أكتوبر 1943، حصل على دكتوراه في الأمراض العصبية والنفسية، وحصل على زمالة الكلية الملكية بلندن، وزمالة الجمعية الأمريكية للطب النفسي، وشغل منصب الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين العرب، وعمل رئيس تحرير لمجلة “الجديد” في الطب النفسي.
وكتب العديد من المقالات لصحيفة الأهرام، توفي في 14 سبتمبر 2004، عن عمر يناهز الستين، بعد أن ترك لنا إرثًا من روائع كتاباته، فله أربعة كتب باللغة الإنجليزية، وثلاثون كتابًا باللغة العربية، منها: “العشق”، و”كيف تصبح عظيمًا؟”، و”الغيرة والخيانة”، و”متاعب الزواج”، و”كيف تنجح في الحياة؟”، و”الألم النفسي والألم العضوي”، و”الطلاق ليس حلًّا”، و”مباريات سيكولوجية”.