جمع القرآن
جمع القرآن
لم ينزل القرآن جُملةً واحدةً في وقتٍ واحد، وإنما نزل مُنَجًّمًا، أي مُفرَّقًا في مدة ثلاث وعشرين سنة هي مدة بعثة النبي (صلى الله عليه وسلم)؛ قال الله (عز وجل): ﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَٰحِدَةً كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَٰهُ تَرْتِيلًا﴾، فكان من فوائد نزوله مفرَّقًا تثبيت قلب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولكي يُجاري الأحداث والمسائل التي تقع في زمن النبوة، ولكي يتدرَّج في بيان الشريعة وتفاصيل أحكامها.
كان أول ما نزل من القرآن هو: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، إلى الآية الخامسة من سورة العلق في غار حراء، ثم فتُر الوحي؛ أي انقطع زمنًا، ثم نزلت سورة المدثر، أما آخر ما نزل من القرآن فمسألة فيها خلاف، ولعل أصحَّ ما ذكُر فيها أنها آيات الربا في سورة البقرة وآخرها: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾، أما مسألة آخر سورة نزلت فلعلَّ أصحَّ ما ذُكر فيها أنها سورة النصر.
لم يُجمع القرآن بين دفتين في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) لأن الحاجة لم تدعُ إلى ذلك، إلا أنه كان يُكتب بين يديه، فلما دعت الحاجة إلى جمعه بعد موت كثيرٍ من الحُفاظ في موقعة اليمامة في عهد أبي بكرٍ (رضي الله عنه)، فجمعه زيد بن ثابت (رضي الله عنه)، واعتمد على ما هو محفوظٌ في صدور الرجال وعلى ما هو مكتوب في الصحف المتفرِّقة، وتميَّز هذا الجمع بعدة مميزات؛ منها قيامه على أدق وسائل التحقُّق والاستيثاق، وأنه في مصحف واحد مرتَّب الآيات والسور، وأنه موافق لما ثبت في العرضة الأخيرة، وأن الصحابة أجمعوا على صحته ودقته وسلامته من الزيادة والنقصان، وبعد الجمع الأول صارت الصحف إلى أبي بكر ثم إلى عمر ثم إلى أم المؤمنين حفصة بنت عمر (رضي الله عنهم جميعًا)، وفي عهد عثمان بن عفان نُسِخت الصحف التي جمعها زيد (رضي الله عنهما)، وأُرسِلت نسخةٌ إلى كل مِصرٍ من الأمصار (مكة والبصرة والكوفة والشام، ومصحف زيد في المدينة، ومصحف عثمان الذي استكتبه لنفسه)، لتكون مرجعًا للناس يحتكمون إليها عند الخلاف ويَقرؤون ويُقرِئون، وأُحرق ما عدا ذلك من النُّسخ.
الفكرة من كتاب الدليل إلى القرآن – في سؤال وجواب
في زمنٍ انتشر فيه ظلام الجهل، بِتنا نرى من لا يعرف عن القرآن إلا اسمه، ومعلومات متفرقةٍ أو ناقصة أو خاطئة، وفي محاولةٍ لرفع الجهل جاء هذا الكتاب اسمًا على مسمًّى، دليلًا ييسر الطريق إلى القرآن ويُمهِّده، فتحدَّث عن القرآن ومصدريته وإعجازه وجمعه وحفظه وتدبُّره، والمزيد في عبارةٍ موجزةٍ سهلة.
مؤلف كتاب الدليل إلى القرآن – في سؤال وجواب
عمرو الشرقاوي: باحث مصري في التفسير وعلوم القرآن، درس في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة، شارك في العديد من الدورات والمحاضرات على شبكة الإنترنت، ومن كتبه: “المُشوق إلى القرآن”، و”القرآن الكريم في حياة الآل والأصحاب”، و”التسهيل في أسباب التنزيل”، و”الصحابة والقرابة في القرآن الكريم.. دراسة تحليلية موضوعية”.