جلد الذات وأسبابه
جلد الذات وأسبابه
يعاني أغلبنا حاليًّا العديد من المشكلات النفسية، ولعلَّ من أهمها جلد الذات وانعدام الثقة بالنفس، ويقود كلٌّ منهما إلى الآخر، إذ إن تقدير الذات واحترامها شيء أساسي لتحقيق السعادة، ولكن إذا وصفت نفسك بالصفات القبيحة وقسوت عليها، فلن تمدَّك بالقوة لتتجاوز تلك الصعاب، بل ستجدك عند كل خطأ تقوم بجلد نفسك بشدة، وعندما تأوي إلى فراشك آخر اليوم لا تنفك عن تذكر كل أحداث اليوم وبخاصةٍ السلبية منها، وإلقاء اللوم على نفسك، وتظل في سلسلة من جلد الذات، والخوف من المستقبل ولوم الماضي، ولكن هل تساءلتَ من قبل عن السبب الذي يجعلنا نقف مسلوبي الإرادة أمام عادة جلد الذات؟ وعدم قدرتك على إيقاف هذا النزيف النفسي؟
يحدث جلد الذات لأسباب عديدة؛ وأولها التربية: وإليها يرجع أصل الأمراض النفسية، فإن كانت تربية الفرد صحية سليمة نجد أشخاصًا أسوياء، يتمتعون بقبول أنفسهم، وقبول من حولهم، وإن كانت التربية سلبية تفتقر إلى الدعم، ستجد في المقابل شخصًا غير واثق من نفسه، يشعر بالفشل، ويحتقر كل ما يفعله، ولعلَّ من أكثر أساليب التربية الخاطئة الإفراط في العناية بالأبناء فتجد الآباء في هذه الحالة وكأنهم يطاردون أطفالهم بطائرة هليكوبتر لمراقبة كل ما يقومون بفعله، ومنعهم من فعل أي خطأ، وهذه السلوكيات تصنع طفلا ضعيفًا معتمدًا على غيره، يخشى ارتكاب أقل الهفوات، وتسبِّب ما يعرف بعقدة الحساسية المفرطة للخطأ.
ومن أسباب جلد الذات أيضًا، السعي للمثالية والكمال: فتجد الشخص لا يتقبَّل مواطن الضعف بداخله، ويتظاهر بالقوة لسعيه لإظهار جانب الكمال فيه، ومن الأسباب أيضًا المعتقدات الراسخة، فنحن نتاج ما نتعرَّض له منذ ولادتنا، والمعتقدات الخاطئة الراسخة تصبح مصدَّقة بشكل شبه دائم، ولا مجال للتشكيك فيها، رغم عدم كونها صحيحة، ولذا لا بد أن نراجع أحكامنا على أنفسنا، ولا نستسلم لمعتقدات وأوهام تراكمت في اللاوعي بداخلنا، وذلك عن طريق تطبيق الاستبطان، فهو رحلة الفرد داخل نفسه، يستخرج فيها عقده القديمة مفكرًا ومناقشًا لها، حتى يستطيع قبول ذاته، وبالتالي قبول العالم من حوله.
الفكرة من كتاب جلسات نفسية.. حتى تصل إلى السكينة النفسية
في مراحل الحياة المختلفة تعصِف بنا العديد من المشكلات، والصعاب النفسية، نظن وهمًا أننا تجاوزناها، ولكن الحقيقة الأليمة أننا قمنا بدفنها بأعماق أنفسنا دون حتى أن نقوم بمواجهتها، لنكتشف بالنهاية أننا لا نحسن التعامل مع أنفسنا، ولا نفهمها، وبالتالي نصدر عليها الكثير من الأحكام القاسية، فيختل ميزان الحياة دون أن ندرى أن الأمر برمته ليس وليد تلك اللحظة، بل هو وليد العديد من التراكمات والخذلان والقسوة على النفس، وندرك أخيرًا أن المشكلة الوحيدة نابعة من طريقتنا في الحكم على أنفسنا.
وهذا الكتاب -عزيزي القارئ- هو دليلك للتعامل مع نفسك، وفهمها بشكل أفضل حتى تصل إلى مبتغاك وهو سكينتك النفسية، وتعرف جوانب نفسك، ونقاط ضعفها وقوتها وكيف تقاوم أمراضك النفسية، وتتغلَّب على الجلد الذاتي، لتكمل حياتك وأنت متصالح مع ذاتك؛ مهتمًّا بها؛ مقدمًا لها العون والمساعدة.
مؤلف كتاب جلسات نفسية.. حتى تصل إلى السكينة النفسية
محمد إبراهيم: كاتب وطبيب نفسي، وباحث ماجستير بجامعة عين شمس، قام بتقديم العديد من الدورات، والمحاضرات التدريبية، مثل: (دورات السكينة النفسية، والثقة بالنفس، والكمالية)، وتصدَّر العديد من المنصَّات الإعلامية في السنوات السبع الأخيرة، وحظي بإقبال كبير من مختلف الجنسيات والأعمار، وهدفه من نشر كتبه ومحاضراته توثيق معاني الصحة النفسية بشكلها الصحيح داخل نفوس القراء، وتدريب أكبر قدر ممكن من فئات المجتمع على التعامل بمرونة في شتى المواقف بشكل نفسي سليم، وطريقه نحو ذلك هو تبسيط مفاهيم علم النفس ليستوعبها عامَّة الناس، وهذا هو الكتاب الوحيد المنشور من أعماله.