جسد المرأة بين الزهد والشهوة
جسد المرأة بين الزهد والشهوة
الوجود الانساني يتألف من روح وجسد وعقل ونفس، وهي مقومات لا يستغني أحدها عن الآخر، وربما يكون الجسد عاملًا شائكًا ودافعًا للتطرف لدى كثيرين، بينما يمثل في الحقيقة مركز ثقل لأي علاقة إنسانية، وذلك يتوافق مع حقيقة أن الناس كسالى في حكمهم، يميلون إلى المظاهر السطحية الخارجية وأهمها الجسد، ولجمال الجسد انعكاسات نفسية واجتماعية بل وحضارية.
حتى إنه من أهم عوامل انجذاب الأطفال والفتيات لبعضهم بعضًا، والجاذبية الجسدية تُعتبر ركيزة لإقامة علاقات اجتماعية مستدامة، وتتباين صور الجمال لدى الرجال، فبعضهم يفضل البيضاء والآخر لا يقبلها، بعضهم يتمناها طويلة والآخر لا يرضى إلا بالقصيرة، وبحسب الدراسات التي أشار إليها الكاتب، فإن معايير تقدير جمال المرأة لدى الرجال تعكس سماتهم الشخصية.
فالرجل الذي يميل إلى المرأة البدينة يكون عادة غير مستقر عاطفيًّا، أما الذين يفضلون الإناث المعتدلات الحجم فغالبًا ما يتمتعون بقدرٍ عالٍ من المسؤولية الفردية، ومهما تباينت معايير الرجال في تقدير جمال المرأة فلابد أن تتفق هذه المعايير، فمما لا خلاف عليه أن تناسق المرأة أساس جمالها، وكذلك البشرة الناعمة والصوت الرخيم والشعر الطويل.
وقد أجمع فقهاء اللغة على أن المرأة الجميلة هي الحسانة التي يشبه بعضها بعضًا في الحسن، وهي الباهرة التي تغلب كل النساء بحسنها، وغيرها، وعلى الرغم من القدر الكبير الذي تشغله قضية جمال المرأة، فإن الأصل هو النظر أيضًا لحسن عقل المرأة وفضيلتها، فقد رُوي عن صيفي بن أكثم قوله “لا يحملنكم جمال النساء عن صراحة النسب، فإن المناكح اللئيمة مدرجة للشرف”.
ومن مقضيات جمال المرأة أيضًا؛ الذكاء، ومن شدة ذكائها أنها تستغل فترة الإفطار لإشعال حماسة الرجل بكلمات الأمل والتفاؤل وحسن الظن بالله، فهي تُدرك أن الجو الذهني الذي يعيشه الرجل مسؤوليتها، وهي تعيش الحاضر ولا تعبأ بماضي زوجها، لأن في ذلك تكدير لحياتها حتى إن ادعت غير ذلك، وهي لا تحكم على مستقبل علاقتها بماضي زوجها.
كما أن تصورها عن الحب شامل، فيتسع ليشمل الكلمة الطيبة والسلوك القويم، ولا يقتصر إدراكها لمعنى الحب على الأمور المادية والنفقة فحسب، فهي تقدّر الأمور بقدرها، فأحكامها لا تخضع لحالتها المزاجية، فلا ترى الكرم أحيانًا تبذير حسب مقتضيات مزاجها الآن،كما أنها بيضاء القلب تتجاوز تجاوزًا تامًّا وتصفو من الداخل، ولا تسجل المناوشات بينها وبين زوجها في دفاتر ذهنية لا تتغير.
الفكرة من كتاب المرأة المثالية في أعين الرجال
لأجل المرأة المثالية يطوف الرجل بلادًا ويسأل ويستخير ويستشير، فهي التي تعيد ترتيب أوراق حياته، وتسمح له بالاتساق مع ذاته ومع الكون، فيغدو منطلقًا في دروب الحياة، فالمرأة المثالية هي المرأة الأم، التي تلد زوجها من جديد.
ولأن عصرنا هذا يضج بالنفسيات المضطربة والأحداث العاصفة، كان مطمع كل رجل أن يجد ضالته في امرأة مثالية، تعينه على نفسه ودينه وحياته، وتحقق له التوازن الداخلي والخارجي، وفي هذا الكتاب يقدم المؤلف مختصرًا لسيكولوجية المرأة لا غنى عنه لأي زوجة صالحة، إذ يقف على الشروط الواجب توافرها في المرأة التي تنشد الكمال وتسعى لبيت عامر بالسعادة.
مؤلف كتاب المرأة المثالية في أعين الرجال
د. محمد عثمان الخشت: أستاذ فلسفة الدين والمذاهب الحديثة والمعاصرة ورئيس جامعة القاهرة، يتميز أسلوبه بالجمع بين المنهجية العقلية والإيمانية، وله عديد من الإسهامات الرائدة الأكاديمية والإدارية، ويُعد الخشت رائدًا لفلسفة الدين في العالم العربي، وكُرِّم في عديدٍ من المحافل العربية والدولية على مدار أربعة عقود.
له عديد من المؤلفات التي تُدرَّسُ في المقررات الجامعية، وتتناول أصول الدين، ومقارنة الأديان، وعلم الحديث وغيرها من المجالات الواسعة، صدر له عدد من الكتب، منها “حركة الحشاشين”، و”مدخل إلى فلسفة الدين”، و”للوحي معانٍ أخرى”، وغيرها من المؤلفات العديدة.