جسدي الصغير
جسدي الصغير
يبدأ اهتمام الطفل بجسده بين عمر سنة وثلاث سنوات؛ غالبًا في السن التي يبدأ فيها بتعلم عادات النظافة ودخول الحمام والتحكم في مكان ووقت قضاء حاجته، وتلك سلوكيات لا تحمل معنى له في تلك السن، ولكن والدته تطلبها منه، وعليه أن يتعلمها ليحظى برضاها، وذلك يقلقه، وقد يدفعه إلى مقاومة الأمر تمامًا، أو معاندتها لبعض الوقت.
وفي تلك السن يبدأ الطفل في التعرف على أعضائه التناسلية بدافع الفضول، ويرغب في معرفة وظائفها، والاختلافات بين الجنسين، وتكثر أسئلته، وهي أسئلة طبيعية ومهمة كذلك، وهي طريقته للتعلم فلا داعي إلى الحرج والتهرُّب أو تأنيب الطفل عندما يسأل، حتى لا يصبح لديه خوف من السؤال عامة، وقلق حول هذا الجزء الغامض من جسده، بل نعلمه ما يناسب سنه برفق.
وقد يبدأ الطفل في تلك الفترة بتعلُّم العادة السرية، ويلجأ أغلب الآباء إلى التهديد والقسوة لردع الطفل عن ممارستها، والطفل الذي يحاول إمتاع نفسه بتلك الطريقة، غالبًا يعاني الوحدة، والحل أن نساعده على أن يجد وسائل أخرى تسعده وينشغل بها عن ذلك، أما القسوة فتشعره بالدونية واستحقار نفسه لما يفعل دون أن تمنعه منه.
يخشى بعض الأطفال من أن يظلوا صغارًا وضعفاء بالنسبة إلى العالم الكبير من حولهم، ويتمنى أغلبهم أن يكبروا بسرعة، بينما يخشى أطفال آخرون من أن يكبروا، فيلجؤون إلى تصرفات أصغر من عمرهم، وغالبًا ما يكون هؤلاء قد خبروا تجربة صوَّرت لهم عالم الكبار عالمًا مخيفًا.
الفكرة من كتاب مخاوف الأطفال
إن أغلب الاضطرابات النفسية قد يكون مردُّها إلى فقدان الطفل الشعور بالأمن، وليس ذلك في الأطفال وحسب، بل وحتى اضطرابات البالغين، وقد نقلِّل من شأن مخاوف الأطفال لصغرها في أعيننا، وقد نمر بأزمة كبيرة ونتجاهل الطفل ظنًّا منا أنه لا يفهم ما يحدث، وقد نسعد بهدوء الطفل دون أن نعلم أن من خلف ذلك الهدوء شبحًا كامنًا في أعماقه.
الخوف من فقد الحب، ومن الوحدة، ومن الظلام، ومن النمو والنضج، وقد لا تتصوَّر أنهم يخافون من أول يوم لهم في هذا العالم، ويكبرون وتكبر مخاوفهم، وما لم يتم احتواؤها فإنها تصبح عائقًا أمام نموِّهم العاطفي والعقلي وحتى الجسدي بشكل صحي، فالتحرُّر من المخاوف هو ما يدفع الطفل لاكتشاف قدراته وتجربتها، فينمو بشكل صحي، فكيف نحمي أطفالنا من الخوف، ليكبروا بنفوس آمنة مطمئنة؟
مؤلف كتاب مخاوف الأطفال
هيلين روس: مارست العلاج النفسي وكانت تدير معهدًا للتحليل النفسي في أمريكا.
معلومات عن المترجم:
الدكتور السيد محمد خيري: حاصل على الدكتوراه في علم النفس، ورئيس سابق لقسم الدراسات النفسية بكلية الآداب جامعة عين شمس، ثم عميدًا للكلية، وهو صاحب كتاب “الإحصاء النفسي”.