جرعة زائدة
جرعة زائدة
تندرج كل مضاعفات التخدير غالبًا تحت مسمى جرعة بنج زائدة، وينتشر ذلك بين العامة وغير المتخصصين، هذه الجرعة الزائدة هي المسبب عند الكثير من غير المتخصصين في حالات الوفاة والإجهاض وحوادث الطرق وتعكير صفو مياه النيل!
في الواقع يصعب جدًّا أن يُخطئ طبيب التخدير في جرعات أدوية البنج؛ فحساب الجرعات المناسبة لكل شخص يُعد عملًا يوميًّا بالنسبة إلى طبيب التخدير، والأدوية إلى حد كبير روتينية ومعتادة وجرعاتها محفوظة، كما أن لكل دواء مساحة يكون فيها آمنًا حتى لو زادت جرعته، والحقيقة هي أن خطر أدوية التخدير لا يكون من زيادة الجرعة بل من طبيعة الأدوية ذاتها، حيث تؤثر تلك الأدوية في القلب والتنفس وتثبِّط مراكز التنفُّس، بل إن بعضها قد يوقف التنفس تمامًا، كما أنها تؤدي إلى فقدان الوعي وارتخاء جميع عضلات الجسم بما فيها عضلات التنفس، مما يؤدي إلى تضييع الفعل المنعكس كرد فعل طرد أي جسم غريب أو إفرازات أو قيء أو عصارة معدية والتي قد تتراكم في ممر الهواء وتسده وتسبب مضاعفات في غاية الخطورة.
لذا فعمل طبيب التخدير دقيق جدًّا وغير مسموح فيه بالتراخي أو تأخير خطوات، بل يجب أن تكون متتالية ومنضبطة، مع وجود كامل لكل الأدوات والأدوية واتباع تام من المريض لتوجيهات الطبيب، والمضاعفات التي قد تحدث نتيجة التخدير عديدة ومتنوِّعة، والمهم تشخيصها وعلاجها والتعامل مع مسبِّباتها بشكل سريع، ومن المضاعفات التي قد تحدث نتيجة التخدير ما يُعرف باسم الانتباه، حيث يكون المريض تحت تأثير المخدر لكنه منتبه، ويزداد حدوث تلك الحالة مع مرخيات العضلات، حيث يكون المريض منتبهًا لكنه لا يقدر على التحرك أو التحدث لإخبار الطبيب بما يعانيه، وعادةً ما ينتج عن تلك الحالة آثار نفسية ضارة وعميقة، وهناك وسائل كثيرة تُساعد على الاستدلال على عمق التخدير وكفايته، ابتداءً من المقاييس الإكلينيكية كضغط الدم ونبضات القلب والتعرق والدموع، وأجهزة قياس نشاط المخ والجهاز العصبي المركزي.
وأحد أهم الأمور في عمل طبيب التخدير هو تأمين الممر الهوائي، وعادةً ما يسأل الطبيب عن وجود أسنان صناعية أو مخلخلة حتى يستطيع وضع الأنبوبة الحنجرية في القصبة الهوائية والتي ترتكز على الأسنان، وأحد الأسئلة المهمة التي يسألها طبيب التخدير للمريض عما إذا كان يعاني أعراض تحسُّس لأي مادة، وما آخر وقت تناول فيه طعامًا أو شرابًا؟
الفكرة من كتاب الإكسير.. سحر البنج الذي نمزج
ما الذي يحدث للجسم تحت تأثير المخدر، ومتى ظهر التخدير بوصفه علمًا مستقلًّا، وما طبيعة عمل طبيب التخدير وما يواجهه من تحديات، وهل حقًّا جرعة البنج الزائدة هي السبب في كثير من مضاعفات الجراحات المختلفة كما هو سائد في الأوساط المختلفة؟! وما مستقبل التخدير كعلم وممارسات. يتناول هذا الكتاب علم التخدير وآثاره وطبيعته ومستقبله في محاولة لأنسنة غرفة العمليات، وهذا ما نلقي الضوء عليه هنا.
مؤلف كتاب الإكسير.. سحر البنج الذي نمزج
أحمد سمير سعد: مدرس بقسم التخدير بكلية طب قصر العيني، قاص وروائي ومهتم بتبسيط العلوم، حصل على المركز الثالث في المسابقة المركزية لهيئة قصور الثقافة فرع القصة القصيرة عام ٢٠٠٩، والمركز الثاني في مسابقة لجنة الشباب لاتحاد الكُتاب فرع القصة القصيرة عام ٢٠١٤، وجائزة الشارقة للإبداع عن مجموعته القصصية “ممالك ملوَّنة”.
له عددٌ من الأعمال الأدبية، منها: رواية “سِفر الأراجوز”، و”تسبيحة دستورية” (نص أدبي)، وله مجموعات قصصية للأطفال مثل: “الضئيل صاحب غيَّة الحمام”، و”طرح الخيال”، ومن أعماله أيضًا كتاب “لعب مع الكون”، وهو كتاب في العلوم وفلسفتها نُشر عام ٢٠١٧، بالإضافة إلى عدد من المقالات العلمية والأدبية والقصص المنشورة في عدد من الدوريات والمواقع الإلكترونية.