جرائم المعلومات
جرائم المعلومات
تختلف جرائم المعلومات عن الجرائم الأخرى كالقتل والسرقة في أنها من الصعب معرفتها واكتشافها، فجريمة القتل تترك خلفها جثة هامدة، وجريمة السرقة قد تترك خلفها الباب مكسورًا، لكن جرائم المعلومات لا تظهر على السطح إلا إذا حدثت في الجذور، فجريمة المعلومات تحدث نتيجة عدم تناظر المعلومات بين الأطراف، حيث يمتلك أحد الأطراف معلومات أكثر من الطرف الآخر، فالخبراء والوسطاء العقاريون -على سبيل المثال- قد يستخدم الكثير منهم المعلومات في الإضرار بك، كونهم يمتلكون معلومات أكثر منك، بل قد يجعلونك تشعر “بخوفٍ لا ينافس الخوف الذي يصنعه مجموعة من الإرهابيين”!
فلنفترض أن لديك شقة تعرضها للبيع، والخوف الذي تخشاه هو أن تبيع الشقة بسعر أقل من قيمتها، أو أنك لن تستطيع بيعها ملطقًا، لذا ستلجأ إلى أحد الوسطاء العقاريين -السمسار- الذي لديه الخبرة والمعلومات، وتطلب منه أن يجد لك مشتريًا يدفع “السعر الذهبي” ذلك السعر الذي سينتج عنه بيع الشقة ولا يقلل من قيمة سعرها، لكن هذا السمسار الذي تعتقد أنه سيجلب لك السعر الذهبي، هو في الحقيقة لا يرى فيك “حليفًا بل مجرد علامة”.
فلو كان سعر شقتك يبلغ (300,000) جنيه هذا الشهر، ولو تركها لمدة شهر إضافي يمكن أن يبيعها بسعر (310,000)، فإنه سيبيعها لك بالمبلغ الأول ولن ينتظر، وسيقنعك أن هذا عرض ممتاز ولا يمكن رفضه، بل وقد يزرع فيك الخوف بأنك إذا انتظرت فإن سعر سوق العقارات سينخفض في الأيام المقبلة، والسبب في ذلك راجع إلى أن الزيادة التي مقدارها (10,000) جنيه سوف تدخل جيبك، بينما سيدخل جيبه في خلال هذا الشهر من الانتظار والجهد في البحث عن زبون (150) جنيهًا فقط وهذا المبلغ ليس مكافأة أو حافزًا جيدًا أو مقبولًا بالنسبة إليه!
الفكرة من كتاب الاقتصاد العجيب
إن العالم الحديث رغم ما يكتنفه من غموض وتعقيد، فإنه يمكن فهمه إذا ما سأل الواحد منَّا الأسئلة الصحيحة حتى لو كانت بسيطة، ونظر إلى المعطيات التي بين يديه بطريقة سليمة، ومن ثم سيكون من السهل حينئذٍ أن نفسر الأحجيات والألغاز حتى لو كانت تبدو في الظاهر صعبة أو مستحيلة، والهدف من ذلك هو النظر والبحث في الأحداث والمواقف وفحصها بطرائق من النادر فحصها من خلالها، والبحث في الجانب الخفي من الأشياء التي لا تظهر على السطح للعيان، حيث قد تكشف أن صدور أحد القوانين هو سبب انخفاض الجرائم في بلد ما، وليس الازدهار الاقتصادي أو فاعلية الشرطة، بل قد تستطيع أن تستنبط نسبة الأخلاق الفطرية من مجرد بيع عددٍ من أرغفة الخبز!
مؤلف كتاب الاقتصاد العجيب
ستيفن د. ليفيت: كاتب وعالم اقتصاد، يدرس علم الاقتصاد في جامعة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، حاصل على ميدالية “جون بيتس كلارك” التي تعطى لأفضل رجل اقتصاد أمريكي كل عامين لا يتجاوز الـ40 من عمره.
ستيفن ج. دوبنر : كاتب صحفي يكتب مقالات في مجلة نيويورك تايمز ونيويوركر، من أشهر مؤلفاته التي حققت أعلى المبيعات كتاب “نفوس مضطربة واعترافات بطل متعبد”.
معلومات عن المترجم
محمد شريف الطرح: مترجم، وله عدة كتب مترجمة، منها: “العمادة الأكاديمية: مهن فردية وأدوار مؤسساتية”، و”القطاع الشعبي في مدن البلدان النامية: التشغيل والفقر والبيئة”، و”الحكم في عالم يتجه نحو العولمة “، و”الاقتصاد العجيب: اقتصادي مارق يبحث في الجانب الخفي من كل شيء”.