جذور الإنسانوية
جذور الإنسانوية
يُقصد بالإنسانوية العقيدة التي يندرج تحتها مجموعة من السلوكيات المتمركزة حول الإنسان، وتأكيد كرامة الإنسان وقيمته وقدرته على تحقيق الذات عن طريق العقل والمنهج العلمي التجريبي، وتُعد النزعة الإنسانية من أكثر المصطلحات تعقيدًا في الثقافة الغربية الحديثة، وتتعدَّد المصطلحات المستخدمة للتعبير عن هذا السياق، وتتفق جميعها في كونها تتمحور حول قيمة الإنسان والرفع من شأنه لدرجة التأليه وجعله مركز الكون.
ويرجع المدلول التاريخي إلى الحركة الفكرية المتمثلة في رواد المذهب الإنسانوي في عصر النهضة بأوروبا مثل بترارك، وسلوتاتي، وبك لا ميراندول، وإيرازموس، وغيوم بودي، وتمركزت تلك الجهود حول الرفع من قيمة الفكر الإنساني والربط بين الثقافة الحديثة والثقافة القديمة خلال القرون الوسطى، حيث كان يُطلق مصطلح الدراسات الإنسانية في أوروبا على الدراسات غير اللاهوتية.
أما المعنى الفلسفي فبحسب تعريف الفيلسوف الفرنسي “لالاند” هو: “تصور عام للحياة السياسية والاقتصادية والأخلاقية، والمبدأ الذي يؤسسها هو الاعتقاد في خلاص الإنسان بواسطة القوى الإنسانية”، ويقول والتر ليبمان في مقدمة كتابه الأخلاق واصفًا معنى الإنسانوية بأنها: “المذهب الذي يعيش في ظله الناس، معتقدين أن واجب الإنسان هو أن يجعل إرادته مطابقة لا لإرادة الله (جل جلاله)، بل لأفضل معرفة لشروط السعادة البشرية”.
تنقسم النزعة الإنسانية إلى مراحل أولاها إنسانية عصر النهضة، وفي هذه المرحلة تتجلَّى بوضوح فكرة مركزية الإنسان في الكون، ويتبعها إنسانية عصر التنوير، حيث توحَّدت فيها النزعة الإنسانية مع الفكر العلماني وكانت باريس هي مركز تلك الحركة، ويليها إنسانية القرن التاسع عشر، فقد شهد القرن التاسع عشر تطورات علمية مهمة انعكست على خصائص النزعة الإنسانية، إذ تأكدت قدرات العلم على تحقيق التقدم بواسطة إعادة صياغة العالم عن طريق تبني المشروعات الاقتصادية الصناعية الجديدة، وأصبح التقدم العلمي مُلهمًا لصياغة القوانين والاقتصاد، وآخرها إنسانية القرن العشرين، حيث نشأة العلوم الاجتماعية والنفسية، وبرزت الظاهرة الاجتماعية بوصفها بحثًا مستقلًّا له مناهجه وأدواته ووسائله عن طريق “إميل دور كايم”، و”ماكس فيبر”.
الفكرة من كتاب الإنسانوية المستحيلة
ما المقصود بالنزعة الإنسانوية، وما أهم المحطات الفكرية المتعلقة بها، وما علاقة الدين الإنسانوي بالإلحاد والداروينية، ما موقع الإنسان في كلٍّ من الدين الإنسانوي والإسلام؟
في هذا الكتاب، يستعرض الكاتب أهم المحطات الفكرية المتعلقة بالنزعة الإنسانية كمنهج حياة وتشريع، ودعوتها إلى إخراج الإنسان من أية قيود إلهية، ونظرتها إليه على أنه كائن تقوده شهواته وإغفالها للحياة ما بعد الموت، وإلغاء الاعتبارات والمآلات القيمية والأخلاقية، مع مقارنة ذلك المنهج بما في الإسلام من توضيح حقيقي وعملي للإنسان.
مؤلف كتاب الإنسانوية المستحيلة
إبراهيم بن عبد الله الرماح: مهندس سعودي، حصل على بكالوريوس الهندسة الصناعية والنظم بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وحصل على بكالوريوس الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود، وحصل على ماجستير فقه السنة من جامعة المدينة العالمية، ودكتوراه الهندسة النووية من جامعة مانشستر.
من أهم مؤلفاته: بحث بعنوان “مفهوم العلم في القرآن”، و”علة الربا”، و”الاستشراق: المفهوم.. النشأة.. الدوافع”، وبحوث أخرى في تخصص الهندسة.