جدل تاريخي.. متى بدأت مصر الحديثة؟
جدل تاريخي.. متى بدأت مصر الحديثة؟
لقد سيطرت على المجالات الأكاديمية في مصر حتى نهايات القرن العشرين بعضُ الآراء التي لا تصف بدقة المجتمع المصري في ذلك الوقت، كانت الرؤية التقليدية لتلك الفترة تحت الحكم العثماني تتمثل في شعب مُستنزف إلى أقصى درجة ولا يمتلك أي رؤية لمستقبله، يقتات على ماضيه ولا توجد أي ملامح تدل على نهوضه، وقد لقي هذا الاتجاه قبولًا بسبب قلة المصادر التاريخية لتلك الفترة، ولأنه كان مريحًا لهؤلاء الذين يظنون التحضر أوروبيًّا حصرًا، ولذلك كانت تعتبر تلك الفترة خالية من أي ملامح لمصر الحديثة وفترة قاتمة في تاريخ مصر، ولكن لزيادة الاهتمام بتلك الفترة ظهرت العديد من الدراسات الحديثة التي غيرت وجهات النظر بالكامل عن تلك الحقبة وقدمت آراءً جديدة، أصبح لزامًا على الباحثين التاريخيين أن يصبوا انتباههم عليها وينحوا آراءهم المُسبقة جانبًا.
لقد كشفت هذه الدراسات عن عدد من التغيرات التي كانت تحدث تباعًا على مستويات عديدة داخل المجتمع، فقد لُوحظت بعض التطورات التي حدثت في الريف المصري وتحول الإنتاج فيه من مجرد عمل غايته الاستهلاك إلى وسيلة تجارية أثمرت في ما بعد عن تحول رأسمالي شهدته هذه المجتمعات عبر أجيال عدة.
وكذلك ظهرت العديد من الكوادر الثقافية، وكان بعضها يتميز بموسوعية نادرة، والجبرتي المؤرخ المشهور مثال على ذلك، ولكن أثبتت هذه الدراسات أنه لم يكن ظاهرة فريدة وأنه كان سمة ودليلًا على حركة ثقافية في طور النشوء.
وقد كانت المرأة المصرية في ذلك العصر تتمتع بشيء من حريتها، وقادرة على تولي مناصب قيادية وتحصيل ما تريده من العلوم.
لم تكن الأمور وردية تمامًا فقد واجهت هذه النهضةَ الحذرةَ كثيرٌ من العوائق التي أجهضت معظم نتائجها وتركت البلاد في حال لا تُحسد عليه، فقد استعاد المماليك شيئًا من قوتهم، وأصبحت البلاد مسرحًا لصراعاتهم من جديد، كما أصابت البلاد نوبات متتابعة من الأوبئة والمجاعات جعلتها غير قادرة على التصدي لأي غزو أو تهديد، وكانت تنتظرها أيامٌ عصيبة بالفعل.
الفكرة من كتاب الحداثة والامبريالية: الغزو الفرنسي وإشكالية نهضة مصر
كانت مصر دائمًا حلمًا أوروبيًّا وتمثلت في أذهان الأوروبيين كطبق ذهبي يحمل جميع أحلامهم وحلول مشكلاتهم، ومنذ عهد الإسكندر أدرك الجميع أنه لا إمبراطورية على ضفاف المتوسط تريد السيطرة على الشرق دون مصر في قلب أقاليمها.
يُقدم الكاتب مراجعات مُهمة لآراء أصبحت ترى التقدم والتجربة الغربية هي الوحيدة، ويطرح وجهات نظر حديثة تُثبت بُطلان هذه الرؤى، وتُقدم الوجه الآخر الذي كان يتم التغاضي عنه دائمًا في سبيل “الحداثة والتنوير” القادمين مع أشياء أُخرى غير مهمة، حتى وإن كان الغزو والاستعمار.
مؤلف كتاب الحداثة والامبريالية: الغزو الفرنسي وإشكالية نهضة مصر
أحمد زكريا الشلق: من مواليد طنطا عام 1948م، حصل على الدكتوراه في الآداب فرع التاريخ الحديث والمعاصر بمرتبة الشرف الأولى بجامعة عين شمس، وقد حصل على العديد من الجوائز منها:
جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية 2010م.
جائزة الدولة للتفوق العلمي في العلوم الاجتماعية 2006م.
له الكثير من المؤلفات والدراسات التاريخية مثل:
رؤية في تحديث الفكر المصري.
العرب والدولة العثمانية.
إمبراليون ومستشرقون.