جبهة التحرير والدعاية الخارجية
جبهة التحرير والدعاية الخارجية
ظهر ذكاء السياسة الوطنية الثورية في انتهاج الحرب السيكولوجية بالتفوُّق في الدعاية الخارجية من جهة، وبفرض السلطة المزدوجة وإنشاء كيانات منظَّمة تستفيد من فئاتها مثل إنشاء الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي انضمَّ إلى الكونفدرالية العالمية للنقابات الحرة، ووجد صوتًا في حشد الرأي العام العالمي ضد فرنسا، وداخليًّا، استطاع الاتحاد جمع العمال تحت رايته بقيادة لا تتكوَّن من أرستقراطية عمالية.
يجب العلم أن السياسة الفرنسية الاستعمارية كانت تستغلُّ وجود أقلية جنسية أو دينية لتبرير سيطرتها، إذ تتبنَّى مساعي أي أقلية في شعورها بالاضطهاد، ثم تعرض مساعداتها المتمثِّلة في الدعم والهجرة، ولهذا سعت جبهة التحرير الوطني إلى سدِّ هذه الثغرة بدعاية ناجحة في أن الثورة الجزائرية لم تهدف إلى رمي الجزائريين ذوي الأصل الأوروبي وطردهم، بل بهدم الاستعمار نفسه، أما من ناحية الأقلية اليهودية، فلقد عانت تلك الفئة من التخبُّط في البداية من حيث اختيار الجانب الذي سيتبعونه، كما أن زعيمهم حاخام الجزائر الكبير لم يكن واضحًا مثلما فعل رئيس القساوسة في مساندة الثورة، لكن لم تسمح جبهة التحرير بالتعمُّق في هذه الثغرة الحرِجة، بل ورفض أغلب الجزائريين اعتبار أن الجالية اليهودية منحازة نهائيًّا إلى العدو.
كما لم يكن الرأي العام الفرنسي بأكمله مساندًا للاستعمار، ولهذا وجد نشاط جبهة التحرير الوطني في فرنسا للاستفادة من الاتجاهات المختلفة ودعم الطبقة الواعية من الفرنسيين للقضية العادلة، كما كان لتضامن دول شمال أفريقيا والدول العربية تأثير كبير للغاية في الضغط السياسي والدعم المادي والمعنوي، وظهر ذلك جليًّا بشكل مبدئي في مؤتمر باندونغ الذي ضم جبهة التحرير الوطني بين الدول المجتمعة.
الفكرة من كتاب نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية
“إن أطفالنا لا يفرُّون إلى البيت حين يرون جنود الاستعمار، فهم لا يخافون منهم ولا يطيعون تعليماتهم وأوامرهم”، هكذا قالت امرأة جزائرية ريفية خلال حرب التحرير الجزائرية التي اندلعت في الأول من نوفمبر عام 1954م الجزائرية في وجه الاستعمار الفرنسي بإعلان الحرب المسلَّحة ضد أحد أعتى جيوش العالم بجيش صغير وأسلحة تقليدية، لكن سرعان ما تحوَّل إلى جيش منظم ذي كتائب وفيالق ومدد بشري، ليسقط أكثر من مليون ونصف المليون من أبناء الجزائر أمام حملة الإبادة التي نفَّذتها فرنسا، ولتُكتَب النهاية بانتصار الوطن الجزائري واستقلاله، لكن ما تميَّزت به تلك الثورة بحق هو دور المرأة الجزائرية فيها الذي اختلف عن دور المرأة في أي ثورة أخرى.
إن ما قالته تلك السيدة يمكن أن يُظهِر مدى التربية التي نشأ عليها ثوار الجزائر للتصدِّي للقوَّة الفرنسية، إذًا فبناء الأُمَّة لا يبدأ إلا ببناء المرأة، ويناقش هذا الكتاب تأثير المرأة منذ حركات التحرير الأولى وحتى حرب الجزائر في عمليات القتال والاتصالات والدعاية والتعليم بجانب التمريض.
مؤلف كتاب نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية
أنيسة بركات درَّار: هي كاتبة جزائرية، حصلت على درجة الدكتواره في الآداب عام 1973 بجامعة الجزائر، وعملت باحثة في المركز الوطني للدراسات التاريخية، كما شاركت كمجاهدة في صفوف جيش التحرير الوطني بالجزائر ضد الاستعمار الفرنسي عام 1956م، ومن أهم مؤلفاتها:
أدب النضال في الجزائر من سنة 1945 حتى الاستقلال.
محاضرات ودراسات تاريخية وأدبية حول الجزائر.