ثورتا مصر
ثورتا مصر
الثورة تقوم كتعبير عن رغبة الشعب بإحداث تغيير جذري في بنية المجتمع، وكعادة الإعلام فإنه يخدم مصالح قواه السياسية والاقتصادية، فكيف أثر ذلك في تناولها لأحداث ثورتي يناير ويونيه، نستطيع الحكم بسهولة عبر تصفُّح العناوين الرئيسة والحلقات لمختلف ما نشر في تلك الفترة.
فالبداية كانت مع ثورة يناير، كان الإعلام الرسمي المقروء والمسموع يراها مجرد أحداث شغب تفضي إلى الفوضى، وعمل على تشويهها وتزييف وعي المواطنين بأحداثها، عبر الاعتماد على الرواية الواحدة المتكرِّرة للأحداث، وخطة الفزاعة للتخويف من المشاركة في التظاهرات، وادعاءات العمالة والتخوين وتلقي دعم مالي خارجي.
بينما كان الإعلام الخاص المقروء يقف مع الثورة وينقل الواقع بأحداثه المختلفة منذ اللحظة الأولى، لأن مصالح قواها اقتضت ذلك، ولكن الإعلام الخاص المرئي كان محاكاة للإعلام الرسمي في تبنِّيه وتكراره لرواية وزارة الداخلية عن الأحداث.
استفاد الإعلام إلى حدٍّ كبير من الدروس التي تلقَّاها في كيفية الانحياز، هذا ما ظهر في تعامله مع ثورة يونيه، حيث التزمت وسائل الإعلام الرسمية المقروءة والمرئية الحياد إلى حين رؤية النتائج واستشراف مستقبل الطرف الفائز للمسارعة للانحياز له، بينما كان الإعلام الخاص أشد عنفًا ووضوحًا في تناوله للأحداث، فتصاعدت المعركة بين الوسائل المملوكة للحزب الحاكم والأخرى التابعة لرجال أعمال وأحزاب أخرى.
تبادل الطرفان الهجوم والدفاع، ومورست عدة أساليب للتأثير في الجماهير مثل اصطياد أخطاء الطرف الآخر وتضخيمها وتبشيعها، واستخدام الدين كورقة تهديد، والاعتماد على إثارة وإشاعة الخوف واللعب على العواطف لتمرير وترسيخ الأفكار.
الفكرة من كتاب الإعلام وتجريف العقل الجمعي: في مرحلة التحول الديمقراطي
تلعب وسائل الإعلام دورًا مهمًّا جدًّا في تشكيل الوعي، إن لم يكن دورها هو الأكبر، وبطبيعة الحال فإن تلك الوسائل هي كيانات لها مصالحها وأهدافها وقوى اقتصادية وسياسية محركة لها، ولذلك فإن الدور الذي تلعبه مشروط بمصالح تلك القوى، فهل يشكِّل الإعلام وعيًا حقيقيًّا بالمشكلات الاجتماعية أم يزيِّفها؟
هذا هو السؤال المحوري الذي لا نستطيع الإجابة عنه حتى نقارن بين الصور التي تنقلها وسائل الإعلام والواقع، هل تضخِّم المشكلة أم تضعها في حجمها الصحيح؟ هل تتناولها من الأساس أم تهمِّشها وتتجاهلها؟ تشير بأصابع الاتهام حول الأسباب الحقيقية أم تدير وجهها إلى ناحية أخرى؟ تطرح حلولًا واقعية ممكنة التنفيذ أم مجرد ديباجات؟ في كتابنا سنتناول أربع قضايا هي: الهجرة غير الشرعية، وتجارة الأعضاء البشرية، والعدالة الاجتماعية، وثورتا مصر، ونرى كيف تعاملت وسائل الإعلام معهم.
مؤلف كتاب الإعلام وتجريف العقل الجمعي: في مرحلة التحول الديمقراطي
محمد سيد أحمد: مصري الجنسية حاصل على دكتوراه في علم الاجتماع السياسي، له العديد من المؤلفات في علم الاجتماع، أشهرها:
الخطاب السياسي للطبقة الوسطى المصرية.
مجتمعات آيلة للسقوط.