ثورتا بورما في عامي 1988 و2007
ثورتا بورما في عامي 1988 و2007
حدثت ثورتان في بورما، الأولى كانت عام 1988 وتعرف بانتفاضة الشعب، والثانية حدثت عام 2007 وسُميت بثورة الزعفران. تتشارك الثورتان في نشأتهما من الغضب الشعبي من الديكتاتورية العسكرية والفساد وسوء الأحوال الاقتصادية وانتهاكات حقوق الإنسان.
قامت الثورة الأولى عام 1988 ضد الجنرال ني وين الذي أسس نظامًا عسكريًّا مستبدًّا، لا تُسمح فيه بأي معارضة. اندلعت شرارة الثورة بسبب تسبب الشرطة في مقتل طالب، فأشعل الطلاب المظاهرات وقمعتها الحكومة بعنف مما أسفر عن قتلى كثيرين، واستقال الجنرال وحل محله نائب آخر لم يختلف عنه، ثم استقال هذا الأخير وحل محله دكتور مدني حاول الإصلاح لكن رفضه الثوار، وهنا قرر الجيش الانقلاب، ومن ثم تأسست ديكتاتورية عسكرية جديدة أعلنت الأحكام العرفية وقمعت المظاهرات تمامًا.
كانت العوامل العسكرية في هذه الحالة هي أساس استجابات القوات المسلحة، وبخاصة عامل التماسك الداخلي لأن احتمال وجود انقسامات داخلية كان مصدر قلق للقوات البورمية، ومع أن معظم الجيش كان من المتطوعين المُساء معاملتهم وأصحاب الأجور الضئيلة، فلم يترددوا في إطلاق النار على المتظاهرين، وهذا بسبب قوة الانضباط العسكري الذي خلق طاعة عمياء عند الجنود، كما انقسم الثوار داخليًّا، وهكذا فشلت الثورة.
بعد ثورة 1988 بالغ النظام في رد فعله وأنشأ نظامًا أكثر قسوة، حاول النظام تحسين الاقتصاد باتباع نموذج أكثر انفتاحًا لكن لم ينتج عنه سوى تفشي الفساد وتحقيق مكاسب شخصية لأفراد القيادة العسكرية العليا، كما زادت ميزانية القوات المسلحة لمواجهة الاضطرابات الداخلية، وتم تعزيز قدرات أجهزة الشرطة والاستخبارات ووُضعت منظمات المجتمع المدني تحت سيطرة الدولة، وحاول المجلس العسكري السيطرة على الرهبان البوذيين أصحاب المكانة الرفيعة في المجتمع البورمي.
اشتعلت ثورة الزعفران بسبب إعلان الحكومة رفع أسعار الوقود في أغسطس 2007 مما أثر في فقراء بورما وهم الأغلبية وأثر ذلك بدوره في أغذية الأديرة القائمة على التبرعات، فنظم الرهبان مسيرة انضم إليها أهالي البلدة وقامت ميليشيا حكومية بالاعتداء عليهم، ومع ذلك، استمرت المظاهرات وطالبوا بإسقاط النظام العسكري، فأعلنت الحكومة حظر التجوال، واعتدى الجنود والشرطة على المتظاهرين السلميين.
أهم العوامل التي أثرت في هذه الحالة كان تماسك الجيش، لأن القوات المسلحة كانت أكثر مهنية وتماسكًا من الثورة السابقة بسبب التلقين والعقيدة العسكرية والخوف من عواقب عدم طاعة الأوامر، كما لم يُفلح الثوار في إقناع الجنود بدعم ثورتهم، ومن ثم كان فشلهم أمرًا مفروغًا منه.
الفكرة من كتاب كيف تستجيب الجيوش للثورات؟ ولماذا؟
يعرض الباحث زولتان باراني في كتابه جانبًا من الثورات لم ينل حظه من البحث والتحليل، وهو استجابات الجيوش للثورات والعوامل المؤثرة فيها، ويتبنى الكاتب حجتين يحاول إثباتهما في كتابه؛ الأولى تقول إن استجابة القوات المسلحة لأي انتفاضة تمثل أمرًا أساسيًّا في نجاحها أو فشلها، والثانية تقول إنه يمكن التنبؤ الصحيح بكيفية استجابة جيش ما نحو ثورة إذا درسنا الجيش وعلاقته بالدولة والمجتمع.
يهدف الكاتب إلى شرح الثلاثة نتائج الممكنة لرد فعل الجيوش، إما بتأييد الثورة وإما بمعارضتها وإما بالانقسام. وذلك بالتطبيق على حالات حقيقية بعضها عاصرناها والبعض الآخر بالتأكيد سمعنا عنها.
مؤلف كتاب كيف تستجيب الجيوش للثورات؟ ولماذا؟
زولتان باراني: بروفيسور في جامعة تكساس، يُدرس من عام 1991 وهو باحث غير مقيم في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن العاصمة. ركزت أبحاثه وكتاباته على السياسة العسكرية، وإرساء الديمقراطية على مستوى العالم.
من أعماله: هل الديمقراطية قابلة للتصدير؟ – Ethnic Politics After Communism
معلومات عن المترجم:
عبد الرحمن عياش: باحث ومترجم وصحفي مصري. حاصل على درجة الماجستير في الشؤون الدولية من جامعة بهتشه شهير في إسطنبول. تركز أبحاثه على الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط وحقوق الإنسان والعلاقات المدنية العسكرية.
من ترجماته: كيف تعمل الدكتاتوريات؟