ثورة 2011م
ثورة 2011م
كان المشهد السياسي في تونس في ديسمبر 2010م لا يعرف إلا حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، ثم قامت شرطية من سلطات البلدية بصفع المواطن محمد البوعزيزي البالغ من العمر 26 عامًا، وقد خرج يعمل كبائع متجول لتعذُّر حصوله على وظيفة مع انتشار البطالة بين خريجي الجامعات. لم يستطع البوعزيزي تقبل الإهانة فانتهى به الأمر بالانتحار بإشعال النار في جسده من شدة يأسه.
هزت حادثة البوعزيزي تونس وخرج زملاء البوعزيزي ومعهم مئات الشباب التونسي للمطالبة بحق زميلهم أمام مقر ولاية سيدي بوزيد حيث كانت الواقعة، ولكن تعامل السلطات مع المظاهرات أدى في النهاية إلى تصاعد الأمر إلى مواجهات شديدة مع قوات الأمن خصوصًا مع وقوع أول حالة وفاة بالرصاص.
حاول ابن علي التحايل على الموقف بإجراء التعديلات الوزارية تارة وإقالة محافظ الولاية ووزير الداخلية تارة أخرى، حتى أنه أعلن عدم ترشُّحه للانتخابات المقبلة وتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في الفساد، إلا إن الأمر لم يأتِ بنتيجة، ما اضطره إلى الهروب خارج تونس، وأعلن رئيس الحكومة وقتها تنحِّي الرئيس وتوليه مهامه مؤقتًا.
بعد ذكر كل الحكاية يتبقى لنا ملاحظات الكاتب راغب السرجاني عن أسباب قيام هذه الثورة وما يجب على الشعب التونسي الحذر منه في هذه المرحلة، وأما عن الأسباب فيقول السرجاني إن الفقر والبطالة ليسا الدافع وراء الثورة لأن الأوضاع التونسية لم تكن متردية إلى هذه الدرجة، لذا فالسبب الحقيقي هو إهدار كرامة الإنسان وتقييد حريته، فهذا هو الدافع الحقيقي وراء الثورات.
وأما النصيحة التي يقدمها للشعب التونسي فهى أولًا ألا يقبلوا بغير الإسلام بديلًا بعد ما رأوا من حرب الأنظمة السابقة له وآثار ذلك، كما يوجه الكاتب عناية القارئ إلى أننا وإن لم نعرف متى يأتي نصر الله فإننا نعرف كيف نتهيأ له كما تهيأ الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه لفتح مكة.
الفكرة من كتاب قصة تونس من البداية إلى ثورة 2011م
في شمال قارة أفريقيا وبين الجمهورية الليبية من الجنوب الشرقي والجزائر من الغرب، تقع تونس أو “ترشيش” قديمًا، وتتميَّز تونس بتربتها الخصبة المحاذية للبحر في أغلب مساحتها والصحراء في أربعين بالمائة من مساحتها، وقد تعاقبت عليها الحضارات البربرية والفينيقية والرومانية والعربية الإسلامية فتركت فيها البصمات الثقافية والمعمارية.
ولأن الفينقيين قد عرفوا بالترحال والتجارة، فقد نشطت التجارة في الساحل التونسي، وبالتحديد في قرطاج، عندما أنشؤوها في القرن التاسع قبل الميلاد، وسيطرت تونس نتيجة لذلك على البحر المتوسط وحقَّقت الثروات الهائلة، ثم أصبح لها مجلس للمدينة وجمعية شعبية وحاكمان ينتخبان سنويًّا، ومع ذلك للأسف بدأ التنافس والتضارب بين الحاكمين على السياسات، ما أضعف قرطاج.
مرت تونس بعد ذلك بعدة حروب ضد روما تسمى بالحروب البونية حتى دمرت قرطاج تمامًا، لكن يوليوس قيصر أعاد بناءها عام 44 ق.م، وأسماها مستوطنة قرطاج اليوليوسية، فازدهرت وأصبحت مصدرًا للمنتجات الزراعية ومقرًّا للحضارة الرومانية لستة قرون حتى تمكن القائد المسلم حسان بن نعمان من فتحها في 79هـ/698 م.
فيما يلي نحكي قصة تونس منذ الفتح الإسلامي مرورًا بالاحتلال الفرنسي وحتى الثورة التونسية في 2011م.
مؤلف كتاب قصة تونس من البداية إلى ثورة 2011م
راغب السرجاني: هو طبيب مصري من مواليد عام 1964م، تخرَّج في كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1988م، ثم نال شهادة الماجستير عام 1992م، ثم الدكتوراه عام 1998م، إضافةً إلى كونه أستاذًا مساعدًا بكلية الطب جامعة القاهرة، وهو رئيس مجلس إدارة مركز الحضارة للدراسات التاريخية بالقاهرة.
عُرِف عن راغب السرجاني كذلك كونه مفكرًا إسلاميًّا مهتمًّا بالتاريخ الإسلامي، وهو صاحب الفكرة والمشرف على موقع “قصة الإسلام” المعني بهذا الموضوع، وقد أطلق مشروعه الفكري تحت شعار “معًا نبني خير أمة” على أساس فهم التاريخ الإسلامي فهمًا دقيقًا واستنباط عوامل النهضة منه.
صدر له العديد من الكتب في التاريخ والفكر الإسلامي مثل:
كتاب “إلى شباب الأمة”.
كتاب “فلسطين لن تضيع كيف”.
كما قدَّم العديد من البرامج عبر الفضائيات العربية، وله العديد من المحاضرات المسجَّلة كذلك في مواضيع السيرة والتاريخ وغيرها.