ثورة التصوف على المجالات المختلفة
ثورة التصوف على المجالات المختلفة
كان للتصوف ثورة على علماء الكلام والفلسفة، إذ اعترضوا على فهمهم للدين وطريقتهم في فهمه وتصويرهم لصلة الإنسان بالله، لأنهم قالوا بأنها علاقة بين عبد ومعبود، وبالغوا في توحيد الله وتنزيهه وتجريده من الصفات، لأن المتكلمين يعتمدون على الأدلة العقلية التي يمكن دحضها بأدلة أخرى، مما يؤدي إلى عدم وصولهم إلى اليقين وعدم إجماعهم على قول واحد لاختلاف أساليبهم وأدلتهم، وأما الفلاسفة فهم أكثر اعتمادًا على المنهج العقلي، ويستخدمون العقل لمعرفة ما لا يمكن إدراكه بالعقل ولا يخرجون من ذلك إلا بالحيرة وعدم اليقين، وتصدى الصوفيون لهذا المنهج العقلي بالمنهج الذوقي في المعرفة، وصوروا العلاقة بالله بأنها علاقة بين مُحِب ومحبوب.
وقد تضمنت ثورة الصوفية في مجال الذكر أن ذكر الله هو ذكر أي اسم من الأسماء الإلهية ولا يقتصر الذكر على ترديد اسم الله فقط، وذهبوا إلى أن الذكر جامع لأعمال القلوب وأهم ما يتزود به المرء في طريقه إلى الله، وبه يعرف الربوبية ويحقق العبودية ويزهد في الدنيا، ويرون أن الذكر أعلى منزلة من الصلاة المفروضة وخير الأعمال وأفضلها عند الله، وفيه يتجه الذاكر إلى الله ويكون في موضع الحضور التام معه ويمتلئ قلبه به، وللذكر مرحلتان حيث يظل يردد الذاكر اسم الله بلسانه وقلبه، ثم يردده بقلبه فقط ويمتلئ كل جزء من روحه بذكر الله ويفنى في الله، فيفتح الله عليه ويحصل له الإشراق.
الفكرة من كتاب التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
يتناول الكاتب منهج أناس كان حب الله باعثهم على العبادة، آمنوا بحب الله وبإمكانية اتصالهم به، وكان منهجهم هذا ثورة على ما كان سائدًا من الالتزام بتعاليم الإسلام وعبادة الله بدافع الخوف، وكانت لهم مدارس ونظريات مختلفة، يعرضها الكاتب ويتناول أيضًا معنى التصوف ونشأته ومراحله.
مؤلف كتاب التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
أبو العلا عفيفي، مفكر وعالم بالفلسفة والتصوف الإسلامي، تخرج في دار العلوم وحصل على منحة في إنجلترا لدراسة التربية وعلم النفس ليحصل على درجة الدبلوم، وحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة في جامعة كامبريدج، ثم عاد إلى مصر وعين مدرسًا للفلسفة في كلية الآداب بجامعة القاهرة، وترقى ليتم تعيينه رئيسًا لقسم الفلسفة، انتدب للتدريس في جامعة الإسكندرية وجامعة لندن وكلية هاملتون بأمريكا لتدريس الفلسفة الإسلامية والمنطق والتصوف، وكان عضوًا في المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية.
نشر العديد من البحوث والمقالات العربية والإنجليزية في المجلات العلمية، وله العديد من المؤلفات منها (الملامتية والصوفية وأهل الفتوة) (فصوص الحكم لابن عربي مع التعليق عليه)، وترجم العديد من البحوث والمقالات العلمية والمؤلفات ومنها (فلسفة المحدثين والمعاصرين) (المدخل إلى الفلسفة).