ثورة إيرانية.. أمريكا العدو الدائم
ثورة إيرانية.. أمريكا العدو الدائم
تخرَّجت شيرين في الجامعة، وبدأت حياتها المهنية قاضية في وزارة العدل، وفي تلك الأثناء كان الحنق يتزايد في تلك الطبقات غير المرئية لحكومة الشاه، وعندما مات مصدق في الإقامة الجبرية، تذكر الإيرانيون ثأرهم الباقي مع أمريكا، ثم قام الشاه بنفي شخصية مؤثرة هي “آية الله الخميني” الذي كان في بداية التحول إلى زعيم شعبي، ووجدت شيرين أن السياسة تبعتها من الجامعة إلى الوظيفة، كان الشباب الإيرانيون يشعرون باغتراب كامل بالفعل عن تلك الدولة التي يُنادي بها الشاه، وعندما قام بتنظيم احتفال عظيم لإحياء ذكرى مرور 2500 سنة على تأسيس دولة فارس، أدركوا أن هذا الرجل وحاشيته، لا يعيشون إيران الحالية، ثم فهموا النموذج الذي يطمح إليه الشاه، عندما عُرِضت مشاهد له وهو يحتسي الشامبانيا مع وزير الخارجية الأمريكي “جيمي كارتر”، كأنه لا يكتفي بذنب واحد، فبالنسبة للإيرانيين، أن تكون فاسدًا أو ديكتاتورًا لهو شيء تافه مقارنة بالتفاخر بكونك دمية في يد أمريكا، ولم يغِب “آية الله الخميني” عن تلك الساحات وظلت رسائله المُلتهبة من الخارج تزيد من احتدام الوضع وتُحفِّز الإيرانيين على الثورة.
لم تلبث المواجهات أن اشتعلت بالفعل، زادها بطش “السافاك” وغرور نظام الشاه على السير في الطريق المحتوم، وقد وجد جميع الإيرانيين أنفسهم مؤيدين لهؤلاء الثوار، ومن البداية ظهر أن هذه ثورة يكون فيها رجال الدين في المقدمة، هرب الشاه وعاد الخميني من منفاه كزعيم للثورة، وشاركت شيرين أيضًا كقاضية وإيرانية فخورة، لكنها لم تكن لتتوقَّع كيف سينتهي الأمر بها وأخواتها، تنظر شيرين إلى تلك المدينة تنتقل من قبضة الشاه إلى الخميني، من حال مغترب إلى حال أكثر غرابة، وقد قدَّرت القيادة الجديدة أن أكثر مشاكل إيران الحاحًا تكمن في أزياء الشعب وطبيعة عمل النساء، ولم يكن ينقص هذه الفوضى إلا بعض الشباب المتحمسين، يقتحمون السفارة الأمريكية ويحتجزون الدبلوماسيين كرهائن، وبينما يُنتظر من الخميني مناورة سياسية والتنديد بفعل كهذا، بارك المقتحمين، ولم يفكر أحد أنهم بالفعل قد جلبوا عداء القطب العالمي الوحيد الآن لإيران الهشة.
الفكرة من كتاب إيران تستيقظ: مذكرات الثورة والأمل
عاشت شيرين عبادي في فترة قلقة للغاية من تاريخ إيران الحديث، حيث شهدت المؤامرة على حكومة مصدق في طفولتها، وشاركت في الثورة الإسلامية في شبابها، وعاينت لبقية حياتها نتائجها التي سترسم ملامح دولة إيران الحالية، شاركت شيرين التيار الحقوقي في متابعة جرائم القتل خارج إطار القانون، وحاولت فضح أذرع الحكومة الخفية التي استخدمتها لقمع الحركة الإصلاحية في إيران؛ إنها سيرة بدأتها الثورة وكادت تنهيها.
مؤلف كتاب إيران تستيقظ: مذكرات الثورة والأمل
شيرين عبادي: محامية وقاضية، وناشطة حقوقية، وُلدت شيرين عام 1974م بمحافظة همدان، في أسرة معروفة بنشاطها السياسي، التحقت بكلية الحقوق في جامعة طهران وحصلت على شهادة في القانون، لتعمل كقاضية وترأس المحكمة التشريعية قبل الثورة، عملت بعد الثورة محامية حقوقية، وتولَّت العديد من القضايا التي أحدثت صدًى واسعًا، حصلت على جائزة نوبل في السلام عام 2003م.
معلومات عن المترجم:
حسام عيتاني: كاتب صحفي وباحث لبناني، وُلد في بيروت عام 1965 م حيث تلقى تعليمه الابتدائي، وأكمل تعليمه الجامعي في روسيا، عمل في جريدتي “السفير”، و”الحياة اللندنية”، له مُؤلَّف بعنوان: “الفتوحات العربية في روايات المغلوبين”.