ثورات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 2011
ثورات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عام 2011
شهد عام 2011 اندلاع الثورات في العالم العربي بمصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا والبحرين والمغرب وسلطنة عمان وكان للجيوش العربية بالطبع دور كبير فيها. تنقسم هذه الدول إلى أربع فئات وفقًا لاختلاف تعامل الجيش، فأيد الجيش الثورة في مصر وتونس، أما في سوريا والبحرين فأيد الجيش النظام، وفي ليبيا واليمن انقسم الجيش، وأخيرًا لم يتدخل جيشا المغرب وسلطنة عمان في ما يحدث.
لنذكر أولًا الفئة المؤيدة للثورة، رفض رئيس الأركان التونسي أوامر الرئيس زين العابدين بقمع الثورة، ونشر القوات لحماية المتظاهرين من قوات الأمن وأجبروا زين العابدين على الرحيل، تأثرت قوات الجيش التونسي بتهميشها من قِبل النظام، وتفضيل وزارة الداخلية عليهم، وانتقدوا فساد مؤسسات الرئاسة ومن ثم فضلوا رحيل النظام، كما تأثروا بشعبية المظاهرات وسلميتها التامة، ونظرة المتظاهرين إليهم كجزء من الشعب.
وفي مصر ساعد الجيش الشرطة على احتجاز المُتظاهرين في البداية، لكن مع قمع أفراد الأمن للمتظاهرين بقسوة أدرك الجيش فشل النظام، ومن ثم أعلنت القوات المسلحة السيطرة على البلاد وأجبرت مبارك على التنحي. في ذلك الوقت كان الجيش المصري مثالًا على التماسك الداخلي، وعلى الرغم من أنه كان يتمتع بامتيازات عالية، فإن النخب العسكرية لم تتقبل جمال مبارك خَلَف الرئيس المتوقع، وتأثروا كذلك بثقة المتظاهرين فيهم.
ثانيًا فئة انقسام الجيش، اشتركت ليبيا واليمن في انخفاض التنمية وتفشي الفساد، فمع بدء المظاهرات اليمنية واجهتها قوات الشرطة بعنف شديد، وفي ليبيا أطلق القذافي العنان فورًا لمليشياته ضد المعارضين، وفي كلا الدولتين حدثت انشقاقات من الوحدات والجنود.
ثالثًا الفئة الداعمة للنظام، انتشرت الانتفاضات الشيعية المناهضة للحكومة في البحرين بسرعة ولم تُفلح محاولات الأسرة الحاكمة في الإصلاح، ومن ثم لجأ الجيش للعنف، كان موقف الجيش البحريني متوقعًا لأن مطالب الثورة تعارضت مع مصالحه، خصوصًا وأن الجيش مكون من السُّنة فقط، لهذا سحق الجيش المظاهرات الشيعية لأجل الأسرة الحاكمة السُّنية.
وفي سوريا، ساهم العامل الطائفي في قرارات قادة الجيش بتأييد بشار الأسد وسحق المتظاهرين، فالشعب السوري ينقسم إلى سنة ومسيحيين وعلويين، وينتمي بشار إلى الطائفة العلوية التي جعلها تسيطر على سلك الضباط في الجيش، أما المجندون فكانوا من كل الطوائف وانضم أتباع السُّنة إلى المعارضة، أما البقية فاعتبروا نظامه حكمًا شرعيًّا ودافعوا عنه باستماتة.
رابعًا وأخيرًا، فئة الجيوش التي لم تتدخل في السياسة، كان الجيش العماني صاحب تقدير عالٍ من شعبه وحصلوا على أجور جيدة وامتيازات من قبل السلطة، لكن لم يتمتعوا بسلطة اتخاذ القرارات في ما يحدث حولهم، والجيش المغربي كان دومًا بعيدًا عن السياسة، فعندما انتشرت المظاهرات، لم يشارك الجيش المغربي فيها.
الفكرة من كتاب كيف تستجيب الجيوش للثورات؟ ولماذا؟
يعرض الباحث زولتان باراني في كتابه جانبًا من الثورات لم ينل حظه من البحث والتحليل، وهو استجابات الجيوش للثورات والعوامل المؤثرة فيها، ويتبنى الكاتب حجتين يحاول إثباتهما في كتابه؛ الأولى تقول إن استجابة القوات المسلحة لأي انتفاضة تمثل أمرًا أساسيًّا في نجاحها أو فشلها، والثانية تقول إنه يمكن التنبؤ الصحيح بكيفية استجابة جيش ما نحو ثورة إذا درسنا الجيش وعلاقته بالدولة والمجتمع.
يهدف الكاتب إلى شرح الثلاثة نتائج الممكنة لرد فعل الجيوش، إما بتأييد الثورة وإما بمعارضتها وإما بالانقسام. وذلك بالتطبيق على حالات حقيقية بعضها عاصرناها والبعض الآخر بالتأكيد سمعنا عنها.
مؤلف كتاب كيف تستجيب الجيوش للثورات؟ ولماذا؟
زولتان باراني: بروفيسور في جامعة تكساس، يُدرس من عام 1991 وهو باحث غير مقيم في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن العاصمة. ركزت أبحاثه وكتاباته على السياسة العسكرية، وإرساء الديمقراطية على مستوى العالم.
من أعماله: هل الديمقراطية قابلة للتصدير؟ – Ethnic Politics After Communism
معلومات عن المترجم:
عبد الرحمن عياش: باحث ومترجم وصحفي مصري. حاصل على درجة الماجستير في الشؤون الدولية من جامعة بهتشه شهير في إسطنبول. تركز أبحاثه على الحركات الإسلامية في الشرق الأوسط وحقوق الإنسان والعلاقات المدنية العسكرية.
من ترجماته: كيف تعمل الدكتاتوريات؟