ثلاثة أعوام
ثلاثة أعوام
في العام الثالث يعود الاستقرار إلى نفس الطفل فيصبح أكثر طواعية لوالديه وأكثر اجتماعية وحبًّا للآخرين، فيعقد كثيرًا من الصداقات ويفشل في كثير منها، ولهذا يحتاج إلى أحاديثنا عن تفاعلنا مع الآخرين وكيفية شعورهم تجاهنا، ويحتاج من طرفنا إلى التعبير عن المشاعر كمشاعر الحب والفخر وغيرها، لتزيد قدرته على إدراك المشاعر وكيفية التعبير عنها.
كما سيزيد إحساسه بالتملك ويبدأ في تعريف نفسه بممتلكاته، كأن يقول “أنا فلان، ولدي لعبة رائعة اشتراها لي والدي”، ولذلك يكون من المفيد مساعدته على إدراك ذاته من خلال الإشارة إلى اسمه وجنسه ودينه والأشياء التي صار يعرف كيف يفعلها بنفسه، فيقول “أنا فلان ابن فلان، وديني الإسلام، وأعرف كيف أرتب ألعابي وكيف أرتدي ثيابي بنفسي”.
ومن أهم مميزات الثالثة هي النمو اللغوي، إذ يستطيع الطفل أن يلتقط عديدًا من الألفاظ ليحفظها ويستعملها بسرعة، ولهذا تبدأ التأتأة في هذه السن، فبسبب كثرة الألفاظ التي يتعلمها الطفل لا يملك الوقت الكافي لحظة الكلام لينتقي منها الأنسب للتعبير عما يريده، ولهذا يحتاج الطفل إلى اطمئنان نفسي وعدم استعجاله من طرفنا أو التعليق على أخطائه اللفظية، وأن نحافظ على نظافة ما يسمعه حتى نحفظ لسانه ولغته.
وعندما يتم الثالثة والنصف يحدث له اختلال في توازنه الانفعالي، فتجد فجأة أن انضباط حركته يضطرب ويقل توازنه عند الكلام، كما تكثر أفعال كالبكاء وقضم الأظافر ومص الإبهام والعبث بالأنف، وهذا كله تعويض عن إحساس القلق وعدم الأمان الذي يمر به في هذه المرحلة، فبداية علينا ألا نوقفه عن هذه الأفعال وإلا سنؤكدها لتصبح عادة لديه، علينا فقط صرفه عنها إلى شيء آخر وبشكل عام، علينا منحه مساحة آمنة من الكلام الهادئ وتقليل الخلافات أمامه وعدم انتقاده وتركه ليلعب ويفرغ قلقه في نشاط إيجابي، ومن المهم أن نحرص على عدم تضخيم مخاوفه لأن هذا سيؤكدها، لنحترم وجود خوفه ونتعامل مع وجوده بهدوء ووعي ليلتقط منا هذا النمط في التعامل مع مخاوفنا.
الفكرة من كتاب طفلك من الثانية إلى العاشرة.. توجيهات تربوية
تقع على كاهل كل أب وأم مسؤولية كبيرة تتمثل في تربية طفلهما الناشئ والتكيف مع كل طور من أطوار نموه، فالطفل ليس له بعد الله إلا أبوه وأمه، وكلما أحسنا التأسيس خرج الطفل سليمًا معافًى قادرًا على مواجهة الحياة بنفس سوية، ولا نقول إن علينا أن نوفر لهم بيئة مثالية تمامًا، فلا أنتَ ولا أنتِ مطالبان أن تكونا مثاليين، وكذلك أطفالكما ليسوا مطالبين بالكمال هم أيضًا.
فتقبل الطفل والعمل على نموه ومعرفة أطوار ذلك النمو هو ما سيساعد المربي على القيام بمسؤوليته في اكتشاف شخصية طفله الفريدة التي أودعها الله فيه، وفي هذا الكتاب يعرض المستشار التربوي هاني عبد القادر مراحل نمو الطفل وخصائص كل مرحلة من سن الثانية حتى العاشرة، وكيفية التعامل مع كل سن بالشكل الأمثل لتهيئة أبنائنا لخوض حروبهم الخاصة في مرحلة المراهقة التالية لهذه السن.
مؤلف كتاب طفلك من الثانية إلى العاشرة.. توجيهات تربوية
هاني بن علي آل عبد القادر: مستشار تربوي وأستاذ في مدينة الجبيل الصناعية وممارس معتمد في البرمجة اللغوية العصبية، من مؤلفاته:
أساليب عملية في التعامل مع المراهقين.
من أجل أبنائنا.