ثقافة الفيسبوك
ثقافة الفيسبوك
الفيسبوك قائم على ثقافة استمرارية الوجود عليه أينما كنت وبأي وقت، والمنافسة في المشاركات الشخصية وغيرها، وكما يعلم الجميع أي شيء يأخذ هذا الكم الهائل من الاستمرار عليه، وبكم وقت غير محدد يُسبِّب عدة أزمات نفسية واضطرابات شخصية قد تتحوَّل إحداها إلى الإدمان الإلكتروني ونقص الانتباه والتوتر الزائد وغيرها من آثار تُسبِّب أمراضًا سلبية، كما أن غالبية مستخدمي الفيسبوك بشدة أكثر الأشخاص توترًا، إذا لم يفتحوا هذا الموقع كل دقائق والحاجة إلى قضاء أكبر وقت عليه دون هدف معيَّن، وهذا يُعدُّ من عوارض الإدمان، ولا نعلم إلى أي درجة هو يعزِّز هذه الاضطرابات، لكنه يزيدها مع الاستمرارية عليه ويجعل الأشخاص أسرع مللًا، كما أنه قد يسبب عوضًا عن ذلك نوعًا من أنواع النرجسية الضعيفة، فهو موقع عبقري صُنع ليُمكِّن الأشخاص من إشباع غريزة الاهتمام والموافقة على أفكارهم دائمًا ودعمهم بـ”لايك” أو تعليق منتظرًا الحصول على التقدير.
كما أن للفيسبوك مشكلة شخصية وهي الاطلاع على كم هائل من المعلومات الشخصية، فهذا الجهاز يحفظ كل المعلومات عن الجميع ويُمكِّن الحكومات من الاطلاع عليها، أو أي شركة خاصة تملك ما يكفي من المال، هو يعرف عنك كل شيء؛ اسمك ورقم هاتفك الشخصي وصورك المفضلة، فهو رقيب عليك في حياتك التي أصبحت بلا مساحة شخصية آمنة، فبناءً على ذلك يبيح لنفسه بيع هذه المعلومات الشخصية لجني المال فقط، وبالمقابل فهي شركة قائمة على الربح، لذا لا تقل لنفسك لن أسجل عليه معلومات لأنه لا يكتفي بما تسجِّله، بل ينقِّب عن باقي معلوماتك ويسجِّلها عنده في ملفات إلكترونية وقبل كل هذا يجعلك توافق على بنوده مع إعفائه من تحمل أي مسؤولية ضد أضراره.
الفكرة من كتاب العيش كصورة.. كيف يجعلنا الفايسبوك أكثر تعاسة
كل ما أنجبته التكنولوجيا الحديثة في حياتنا كان سلاحًا ذا حدين، لكننا لم نستقبل هذه الأسلحة بواقعية، بل انغمسنا في مميزاتها واعتصرتنا عيوبها، لذا وجب علينا أن نقف وقفة أمام هذه الأسلحة، ومن توابع التكنولوجيا موقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوك” الذي أصبح الجميع لديه حساب خاص عليه، ويجعل هذا الحساب يتحكَّم به وباهتماماته، يرى العالم والعلاقات من خلاله فقط، ألم تتساءل كيف جعلنا الفيسبوك؟ وكيف جعل العالم أمامنا؟
مؤلف كتاب العيش كصورة.. كيف يجعلنا الفايسبوك أكثر تعاسة
طوني عادل صغبيني: مواليد زحلة، لبنان، حائز على ماستر في العلوم السياسية عن أزمة الطاقة وعالم ما بعد النفط، ناشط مدني وبيئي، باحث له دراسات منشورة في عدة جرائد ومجلات لبنانية.
وله مؤلفات عديدة منها: الهروب من السيستيم، لعنة الألفية لماذا يفشل النشاط التغييري.