ثغر المرابطة المقدسية
ثغر المرابطة المقدسية
المرابطة المقدسية ليست فضاءً ماديًّا، بل هي فضاء روحي، تعمل على تجديد الروح، فالمقاومة المادية ما هي إلا تابعة للمقاومة بالروح، وذلك من خلال دوام شعور المرابط بالقرب الإلهي في جميع تصرفاته وأفعاله، ودوام رؤية الواجب في تلك التصرفات والأفعال.
ينبغي أن تعمل المرابطة المقدسية على دفع “أذى الإله”، بموجب المقاربة الائتمانية التي تعمل على ردِّ صورة الأرض المحتلة إلى روحها، بوصفها “أرضًا مقدسة”، وليس من خلال رد المزاعم الإسرائيلية بملكية الأرض، بدعوى ملكية الفلسطينيين لها، فالفلسطيني “مؤتمن” على الأرض المقدسة، قائم على حفظ قدسيتها، فالأصل أن تمسُّك الفلسطيني بقدسية الأرض يغلب على تمسُّكه بملكيتها، حيث إن الملكية تبع لحفظ تلك القدسية، فيكون بذلك لا معنى للمبدأ الإسرائيلي (الأرض مقابل السلام)، إذ تم ترسيخ ثقافة الائتمان بدلًا عن ثقافة الملكية التي تحصر القضية الفلسطينية في نطاق ملكية الأرض، ولا بدَّ من تجريد الإسرائيلي من المالكية التي تنازع المالكية الإلهية، من خلال رفع جميع الأوصاف عنه بما فيها وصف الدولة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المرابطة المقدسية تقوم على دفع “أذى الإنسان” من خلال رد صورة الفطرة المسلوبة التي زيَّفها المحتل الإسرائيلي إلى “الأصالة”، والسبب الروحي إلى ذلك هو “العروج” من خلال استحضار المرابط لخصوصية “العروج النبوي” متلبسًا به، بحيث تكون أصالة الفطرة هي عبارة عن تجلِّي إرادة الله فيه، مقابل المُطبِّع الذي تتجلَّى فيه الإرادة الإسرائيلية، كما أن ردَّ تزييف الفطرة يكون من خلال مقاومة تجليات الإرادة الإسرائيلية في سلوك الفرد الذي أذعن للتطبيع، وتوعية المجتمع الذي أكره على التطبيع بمدى الضرر الواقع من جراء ذلك.
الفكرة من كتاب ثغور المرابطة.. مقاربة ائتمانية لصراعات الأمة الحالية
يرى الدكتور طه عبد الرحمن أن الأمتين الإسلامية والعربية تخوضان صراعات فيما بينهما وبين غيرهما، كما أن الإخوة يقتتلون فيما بينهم، وأن مثل تلك القضايا الكيانية توجِّب علينا تقديم النظر الفلسفي على التحليل السياسي، لذا يقوم ببحث الجوانب الفلسفية المتعلقة بتفريط العرب في القدس من خلال التطبيع، والصراع (الإسلامي الإسلامي) بين النظامين السعودي والإيراني على بسط النفوذ على العالم الإسلامي، واقتتال العرب فيما بينهم من خلال انتشار ثقافة القتل.
مؤلف كتاب ثغور المرابطة.. مقاربة ائتمانية لصراعات الأمة الحالية
طه عبد الرحمن، فيلسوف مغربي متخصِّص في علم المنطق وفلسفة اللغة والأخلاق، أحد أبرز الفلاسفة والمفكرين منذ سبعينيات القرن الماضي، كتب عشرات الكتب، ومنها: “العمل الديني وتجديد العقل”، و”سؤال الأخلاق”، و”روح الحداثة”، و”بؤس الدهرانية”.