ثاني اثنين.. أبو بكر من السقيفة إلى الخلافة
ثاني اثنين.. أبو بكر من السقيفة إلى الخلافة
لقد كان القول المشهور لعمر رضي الله عنه عن خلافة أبي بكر بوصفها “فلتة وقى الله شرّها” دائمًا ما يُستدعى في حالة الإشارة إلى الخلاف الذي حدث بين الصحابة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم)، وبمعنى مُختلف قليلًا عن القصد الذي جاء به، ولكن المسلمين استنتجوا نظام الاستخلاف هذا من تجاربهم مع النبي (صلى الله عليه وسلم) حين يبايعونه على القتال دونه، واستمر الأمر سُنّة فيهم مع خلفائهم ولم يكن يُغني عنها شيئًا، فحتى عند استخلاف أبي بكر لعمر طلب من عثمان أن يسأل المسلمين أيبايعون لمن أقره أبو بكر أم لا، وتكون هذه البيعة مُلزمة للطرفين، فعلى المسلمين الطاعة وعلى الخليفة الحكم بما أمر الله ونبيه ومراعاة أقواتهم، وإلا فلا طاعة له عليهم.
وكذلك عند استشهاد أمير المؤمنين عمر وتنظيمه لعملية اختيار الخليفة بالمجلس الذي اختاره، كان على المُختار أن يأخذ البيعة أيضًا، من ثم فإن تعدد وسائل الاستخلاف حتى في ما بعد في حقب التوارث في الدور الأموية والعباسية وغيرها ظلت البيعة شرطًا أساسيًّا لتنصيب الخليفة.
لم تكن الأمور يسيرة على أبي بكر في بداية حكمه، فقد أبان الأعراب عن دواخلهم وكشفوا نواياهم بطلبهم إعفاءهم من الزكاة، إذ كانوا ما يزالون يرونها ضريبة تُدفع إلى قريش وليست “صدقة تطهرهم وتزكيهم”، ولكن أبا بكر كان عازمًا على إنفاذ جيش أسامة إلى الشام وتأجيل أمر جزيرة العرب إلى حين، وأدرك هو والصحابة معه أن العرب حول المدينة لن يتركوهم لحالهم، وما إن عاد حتى دعاهم للراحة بعض الوقت بينما يتولى هو أمر الدفاع في تلك الأثناء، حتى أعد الألوية وسلم القادة مهامهم ونشرهم في أنحاء جزيرة العرب ليثبت المسلم على دينه ويُنجد أولئك الذين حُبسوا في أقوامهم ويُقاتل المُرتدين الذين آذنوا دين الله وخليفته بالحرب
وقد أخذ أبو بكر أمر المرتدين بالشدة من أوله إلى آخره، ولم يكتف بحربهم بل أمر بتتبع قتلة المسلمين فيهم والثأر منهم، وربما يظهر هذا الاختلاف في طباع أبي بكر ولكنه كان مُدركًا لخطورة تلك الردة على دين المسلمين وتعامل مع تلك الخطورة بقدر ما تحتاج إليه من الحزم حتى ولو كان كثيرًا.
الفكرة من كتاب الشيخان
لقد حظيت فترة حكم الخليفتين عمر وأبي بكر (رضي الله عنهما) باهتمام كبير طوال تاريخ المسلمين، ذلك لأنهما كانا أسوة حسنة لمن تلاهما، فاقتفوا أثرهما راجين أن يُوفقوا في اتباعهما، هنا يتتبع طه حسين سيرة الشيخين في الجاهلية والإسلام، مبرزًا أهم التحديات التي واجهتهما، وكيف كانت مواقفهما منها، وكيف أقاما بنيان دولة ظلت قواعدها راسخة لمئات السنين.
مؤلف كتاب الشيخان
طه حسين، عميد الأدب العربي ومن أبرز الأسماء في الفكر الحديث، ولد في محافظة المنيا عام 1889، وتلقى تعليمه الأولي في الأزهر ثم في الجامعة المصرية التي حصل فيها على الدكتوراه في الفلسفة، ثم أوفد إلى جامعة مونبلييه بفرنسا ليكمل دراسته وأبحاثه بها ويعود إلى مصر، ليُعين أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني في الجامعة المصرية.
دائمًا ما أثارت مؤلفات وأطروحات طه حسين الجدل وما زالت تثيره حتى يومنا هذا، ومن أبرز مؤلفاته:
ذكرى أبي العلاء.
في الشعر الجاهلي.
الفتنة الكبرى.
الأيام.
مستقبل الثقافة في مصر.