تَراكيب لُغويّة
تَراكيب لُغويّة
تختلف اللغة الإنجليزيّة عن اللغة العربيّة في اعتمادها الأصيل على ترتيب الكلمات في الجملة لإيصال المعنى بشكلٍ محدد، غير أنّ اللغة العربيّة تعتمد على النحو والتشكيل الإعرابيّ في تحديد موقع الكلمة من الجملة، ومن ثم تحديد المعنى المُراد، وأبسط أشكال التركيب اللغويّ ما اختص معنى ما بشكلٍ ثابت، وتختلف التراكيب باختلاف الألفاظ، كما يتم في كثير من الأحيان ترجمة الحال من اللغة العربيّة إلى عبارة في اللغة الإنجليزيّة، ففي ترجمة الآية الكريمة ﴿أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾: كلمة سويًّا تُترجم بعبارة With no bodily defect، وبالعكس ففي الترجمة من اللغة الإنجليزيّة كثيرًا ما تكون الأحوال مركّبة مثل الصفات، بل وكثيرًا ما تسبقها صفات أو أحوال أخرى
ومن هنا تنشأ عقبة جديدة أمام المترجم غير تلك التي يُواجهها في سعيه للوصول إلى المعنى الدلاليّ الدقيق، ويمكنه لتخطّي هذه العقبة اتباع بعض القواعد الآتية؛ استعمال المفعول المُطلق المُشتق من الفاعل، أو استخدام أشباه الجُمَل، أو محاولة بناء جملة جديدة تفسيرًا للحال، أو الاستعاضة عن صفات الحال بكلمات لها معنى محدد كما في ترجمة He is passionately in love بـ إنّه صبٌّ وامِق.
يأتي في مشكلات التراكيب بعد الحال أسلوب المُفاضلة أو التفضيل، فإذا وقعت الكلمة أو الجملة في نطاق صيغة التفضيل (أفعَل) في اللغة العربية فلا تظهر عقبات جديدة في هذه النقطة، وإنما حين يضطر المترجم إلى استخدام صيغة (أكثر + المصدر)، فتنشأ المُشكلة تحديدًا في إيجاد المصدر، إذ إن بعض المصادر تكون عصيّة على الإيراد والتطويع، كما في كلمة bright إن كانت بدلالة صفة “فاقع” للألوان، فلا يُمكن في صيغة التفضيل ترجمتها إلى “أكثر فقعانًا” مما يتطلب من المُترجم إعادة صياغة الجملة عن طريق التحويل (Transformation).
الفكرة من كتاب فنّ الترجمة
هذا الكِتاب هو عرضٌ لبعض القضايا المُتعلّقة بفنّ الترجمة، والمذاهب المُتّبعة في أبوابها، وهو موجهٌ بشكلٍ رئيس للمُبتدئين في هذا المجال، وهُم المُحيطون إحاطة مقبولة باللغتين العربيّة والإنجليزيّة، لكن تنقصهم الخِبرة الكافية للجمع بين نقل المعنى الذي أراده الكاتب بدِّقة من غير إنقاص أو تركيك، وقد ركّز الكاتب على المشكلات الشائعة التي يقع فيها أغلب المُترجمين بناءً على خبرته الطويلة في هذا المجال، وبسبب قناعة الكاتب أن التطبيق أجدى من النظريات المُجرّدة، فقد تعامل مع الترجمة على أنها في أصلها فنٌّ تطبيقيّ،
يحتاجُ إلى المِران والمُمارسة حتى يصل المُترجم إلى المستوى المنشود الذي يليق بهذا الفنّ، ولا يُوجد طريق مختصرٌ لحصولِ ذلك، والتطوّر الحاصل في الحياة الثقافيّة يؤثّر بدوره في اللغة وتركيبها مما يؤثر في الترجمة بالتبعيّة، إذ ليس على الترجمة سيّد، والمترجم غارق في الكثير من المُشكلات التي يواجهها في عمليّة الترجمة، لذا وُجِّه هذا الكتاب حتى يكون أول الخيط في سبيل توجيه المُترجم إلى الحلول العمليّة.
مؤلف كتاب فنّ الترجمة
محمد العناني: كاتب مسرحي وأديب وناقد ومُترجم مصريّ، وُلِد عام 1939م، بمدينة رشيد محافظة البحيرة، حصل على شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزيّة وآدابها من جامعة القاهرة عام 1959م، التي عَمِل فيما بعد مُحاضرًا بها بعد حصوله على شهادة الدكتوراه، كما حصل على شهادة الماجستير من جامعة لندن عام 1970م، ثم حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة ريدنج عام 1975م. لُّقِّبَ بعميد المُترجمين، ورأس قسم اللغة الإنجليزيّة بجامعة القاهرة لستّة أعوام، لهُ العديد من الكتب المُترجمة والمؤلفات الإبداعية، والنقديّة منها: الترجمة الأدبيّة بين النقد والتحليل، والترجمة الأسلوبيّة.