توفيق والثورة العرابية
توفيق والثورة العرابية
استمر توفيق في الاقتراض ورفض النظام النيابي الجديد مما أدى إلى استقالة شريف وحكومته، وتمددت سلطات المراقبة الثنائية وتحولت إلى الحماية الكاملة الثنائية، وقدمت تسوية مالية جديدة بفائدة 4%.
وحمل لواء المقاومة من جمال الدين المنفي تلميذه محمد عبده، متبعًا سياسة الإصلاح البطيء، وانضم للثورة العرابية التي بدأت بمقاومة الضباط المصريين بقيادة عرابي وعبدالعال حلمي وعلي فهمي للفساد الذي سيطر على الجيش، وضغطوا على الخديوي لإقالة وزير الحربية عثمان رفقي وتعيين البارودي بدلًا منه.
وتكثفت في تلك الفترة اجتماعات الضباط المصريين بداخل الجيش، فأقال الخديوي البارودي لشكه مما أثار الاستياء العام وعجل بمظاهرة سبتمبر 1881م، التي قاد فيها عرابي فرق الجيش إلى السرايا، ووقف متحديًا الخديوي ومعلنًا مطالبه باسم الأمة، التي تمثلت في إقالة الحكومة وتشكيل مجلس نواب جديد وتنفيذ إصلاحات الجيش، استسلم الخديوي وأسند تعيين الحكومة إلى شريف وتم عقد انتخابات نيابية ولكن على اللائحة القديمة.
أرسلت بريطانيا وفرنسا مذكرة مشتركة تهددان بإمكانية القيام باحتلال إن لزم الأمر للقضاء على الفوضى، وخاض المجلس الجديد صراعه القديم حول سلطاته وصلاحيته في النظر في الميزانية، ولم يكن أداء شريف المتباطئ مشبعًا لطموحاتهم، فأقالوه وعينوا البارودي بجانب عرابي وزيرًا للحربية.
وقع خلاف بين الخديوي وعرابي عند إصداره أحكامًا عسكرية ضد متآمرين شركسيين بالجيش ورفض الخديوي التصديق عليها، ومع وصول أسطول فرنسي وبريطاني على سواحل الإسكندرية تزامنا مع مذكرة تطالب بنفي عرابي، التفت الأمة والجيش حوله وقدم البارودي استقالته احتجاجًا على الخديوي.
خسر عرابي معركة التل الكبير المفصلية، بسبب ضعفه سياسيًّا وخيانة بعض ضباط الجيش وإعلان عصيانه وتآمر دليسبيس مع بريطانيا.
الفكرة من كتاب تاريخ مصر الحديث: من محمد علي إلى اليوم
التاريخ ليس مجرد نقل للأحداث، بل هو فن الوصول إلى الحقيقة، عن طريق وسائل يتبعها مؤرخ ذو عبقرية فذة وبصيرة ثاقبة، يتتبع الخطوط حتى يصل إلى رسم المشهد الكامل، مبرزًا الأحداث المؤثرة ومحللًا لأسبابها ومعددًا لنتائجها دون الغرق في تفاصيل كثيرة هامشية لا صلة لها بالحدث، ولأن مصر من الدول القليلة التي تتابعت عليها الأحداث الجلل بصورة مكثفة في فترات زمنية قصيرة، احتل تاريخها القديم والحديث أولوية اهتمام المؤرخين.
مؤلف كتاب تاريخ مصر الحديث: من محمد علي إلى اليوم
محمد صبري: ولد الدكتور بالقليوبية في عام 1894م، وتنقل بسبب عمل والده مفتشًا بين القرى الزراعية، ونشأ محبًّا للأدب والشعر، لدرجة تأخر حصوله على شهادة الثانوية بسبب اهتمامه بالقراءة وكتابة الشعر، احتك فيها بأدباء وشعراء عصره كالمنفلوطي وحافظ إبراهيم، سافر لدراسة التاريخ الحديث في جامعة السوربون، وحصل فيها على الدكتوراه عام 1924م.
عينه سعد زغلول سكرتيرًا ومترجمًا للوفد المصري بمؤتمر السلام لبراعته باللغات الأجنبية، كان همه الأول الكتابة عن تاريخ مصر الحديث لإبراز هويتها القومية، فهدف لكتابة أربعة مجلدات عن التاريخ الحديث لمصر، نجح في إخراج جزأين فقط، ثم انشغل بعدة أدوار معرفية وأدبية أخرى، ولكن لم يوقفه ذلك عن اهتمامه بالأدب، فأصدر سلسلة أدبية “الشوامخ ” عن شعراء ما قبل الإسلام.
توفي في عام 1978م بعدما عانى من عدة مشكلات أسرية ومالية، وسط تجاهل كبير لما قدمه في خدمة بلاده.