توجيه الإساءة من منطلق حرية التعبير
توجيه الإساءة من منطلق حرية التعبير
لا بدَّ أن تتضمَّن حرية الكلام مسؤولية شخصية، وأن تُراعَى فيها الأخلاقيات العامة حتى تكون تلك الحرية حقيقية، لذا فإن توجيه الإساءة تحت مظلة حرية الكلام أمرٌ مرفوض تمامًا، ولا ينبغي أن يتخذ أي شخص هذه الحرية ستارًا لأفعاله اللاأخلاقية، بل ينبغي أن يتعامل مع الجميع بأسلوب مهذَّب وأن يحترم الآخرين.
لكن يرى بعض المعارضين لهذه الفكرة أن مبدأ حرية الكلام ليس له أي قيمة إذا ما تضمَّن فقط آراء من يتفقون معنا، وأنه يجب أن يشمل آراء كل الناس مؤيديهم ومعارضيهم، فإن من الممكن أن يغضب البعض من الاعتراض على أسلوب حياتهم بكلامٍ لا يعجبهم، إلا أن ذلك الغضب قد يكون بداية للمراجعة والتفكير ثم إحداث التغيير، ومن هنا كانت حجَّتهم بالموافقة على اندراج الإساءة تحت بند حرية التعبير وعدم التوجيه بفرض رقابة عليها، فمن وجهة نظرهم إذا اقتصرت حرية التعبير على آراء معينة فقط فليس هناك ما يجعلنا نستحقه.
ازدراء الأديان أو ما يُعرف بـ”التجديف” هو ذلك النوع من الإساءات التي يتم توجيهها إلى الأديان أو نصوصها أو رموزها المقدسة كالأنبياء. كان ازدراء الدين المسيحي في بريطانيا جريمة يعاقب عليها القانون حتى وقت قريب، وكان هذا القانون يمثل حماية للمسيحية بوجه عام، وكان يتم مقاضاة أي أحد بسبب إساءاته وتعليقاته التي تقلل من شأن المسيحية والمسيحيين، في المقابل كان من حق أي أحد أن يزدري الإسلام لعدم وجود قوانين تمنع ذلك، مما أدى إلى التفاوت وإعادة النظر في تلك القوانين حتى تم إلغاؤها وإقرار أن يتم فتح باب حرية الكلام ليشمل الأديان بلا استثناء.
ومن جانب أنصار حرية الكلام المُطلقة كانوا يرون أن قوانين ازدراء الأديان ما هي إلا ذكريات تاريخية لا تتناسب مع العصر الحالي بما فيه من مجتمعات علمانية بعيدة كل البعد عن تسلط الدين مكتفية بوجوده كعنصر من عناصر الدولة لا أكثر ولا أقل. لكن ردَّ عليهم المعارضون لإلغاء هذه القوانين أن أهميتها تكمن في اعتبار أن الدين هو مصدر فخر واعتزاز للفرد، ولا بدَّ أن يحظى أفراد المجتمع بما يميز هوياتهم ومعتقداتهم، غير أن ازدراء الأديان لا يتعلق بمجرد حرية تعبير، بل أبعد من ذلك فهو يمثل عقبة لوحدة المجتمع وخطوة إلى الطائفية وعنوانًا للعنصرية، ومن ثمَّ من غير المعقول تطبيق مبدأ حرية التعبير في أمورٍ تهدد استقرار وأمان من يعبِّرون.
الفكرة من كتاب حرية التعبير: مقدمة قصيرة جدًّا
يطرح الكاتب مقدمة بسيطة عن حرية التعبير ويشرح في البداية تعريفها وفوائدها وأضرارها، ثم يخصُّ بالذكر موضوعات بعينها كالمواد الإباحية وهل تندرج تحت حرية التعبير أم لا، كما يبيِّن أثر ظهور الإنترنت في حرية الكلام والأذى الذي تعرَّض له المجتمع بسببه.
مؤلف كتاب حرية التعبير: مقدمة قصيرة جدًّا
نايجل ووربيرتن Nigel Warburton: فيلسوف بريطاني حصل على درجتي البكالوريوس من جامعة بريستول والدكتوراه من جامعة كامبريدج، حاضرَ في جامعة نوتنجهام قبل التحاقه بقسم الفلسفة بالجامعة المفتوحة.
ألَّف العديد من الكتب الفلسفية الشهيرة، ومنها:
مقدمة للحرية.
أساسيات الفلسفة.
التفكير من الألف إلى الياء.