توابع تدخل الحكومة في السوق
توابع تدخل الحكومة في السوق
قد يبدو لك مصطلح حرية السوق مرادفًا للعشوائية وغياب التخطيط، ولكن الحقيقة التاسعة عشرة تخبرنا بأننا ما زلنا نعيش في اقتصاديات مخططة، فالحكومة تخطط للأهداف العريضة المستقبلية، كقطاعات ترغب في زيادة ازدهارها، وحتى الشركات تخطط بالتفصيل لكل أنشطتها، فما اختلف في التخطيط عن الماضي أن خطط الحكومة أصبحت استرشادية وغير شاملة.
لنفترض أن الحكومة تخطط لتنمية مجال التكنولوجيا، لتوفير مزيد من فرص التوظيف أمام الأفراد التي ستتاح أمامهم في تكافؤ، بحيث يمكن لأي منهم الحصول عليها دون اعتبارات عرقية أو قومية، هل يعد ذلك عدلًا؟ تجيبنا الحقيقة العشرون بـ”لا”، فإن تكافؤ الفرص قد لا يكون عادلًا، بسبب اختلاف الظروف الخارجية لكل فرد، فبعضهم يعيشون فقرًا يمنعهم من تطوير إمكانياتهم لمواكبة المنافسة، لذا فالحل في توفير الحد الأدنى من تكافؤ الظروف قبل الفرص.
ألن يضيف ذلك مزيدًا من الأحمال على ظهر الحكومات، ويجعل الناس أكثر كسلًا؟ بل على العكس تمامًا، تؤكد الحقيقة الحادية والعشرون أن الحكومات الداعمة تجعل الناس أكثر انفتاحًا وشجاعة للتغيير، فإذا ضمنوا حدًّا أدنى من المعونة يحميهم من العوز والفقر عند تعرضهم لظروف خارج إرادتهم، فستتحسن إنتاجيتهم، ويتشجعون لتجربة مجالات عمل جديدة أخرى، فكلما تقل تكلفة الفشل ترتفع احتمالية المخاطرة، فانعدام الأمان الوظيفي يدفع الأفراد إلى العمل في الوظائف الخاطئة بحثًا عن الاطمئنان، مما يؤثر في ديناميكية الاقتصاد بالسلب.
وتتضافر الحقيقة الثانية والعشرون مع ذلك التصور، وتشدد على ضرورة تخفيض فاعلية الأسواق المالية، بسبب اتساع الفجوة بين القطاع المالي وقدرة المجتمعات على الاستفادة من الفرص، بسبب ازدياد سرعة التغيير في كل قفزة جديدة، وهو ما يعزز انعدام الأمان الوظيفي الذي أشرنا إليه في الفقرة السابقة.
الفكرة من كتاب 23 حقيقة يخفونها عنك بخصوص الرأسمالية
يقال إن أول خطوة للتجهيل بأمر ما هي جعله يبدو معقدًا جدًّا، وذلك بمحاوطته بسدود التخصص، ولقد أصبح الاقتصاد من تلك الأمور التي نهرب منها بسبب سدودها المانعة، ولكن على عكس الاعتقاد الشائع، فحقائق الاقتصاد بسيطة يمكن فهمها، والتفاصيل التقنية التخصصية مساحتها محدودة جدًّا.
ولهذا فإن أول خطوة لتثقيف أنفسنا اقتصاديًّا، هي معرفة الحقائق الكبيرة لنظامنا الرأسمالي الحالي، لنجيب عن أسئلتنا، ما الطريقة التي تدار بها الرأسمالية؟ وهل تعني حرية السوق المطلقة؟ أم يمكن إدخال بعض التعديلات لجعلها أكثر نفعًا للجميع؟ لدينا ثلاث وعشرون حقيقة، ستبدد عديدًا من الخرافات الاقتصادية.
مؤلف كتاب 23 حقيقة يخفونها عنك بخصوص الرأسمالية
ها-جون تشانج: عالم اقتصادي كوري وأستاذ في جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، ولد في 7 أكتوبر 1963 في سيول، بكوريا الجنوبية، واشتهر بتحليله النقدي للاقتصاد النيوكلاسيكي ودعوته إلى سياسات تعزز التنمية الاقتصادية وتقلل من عدم المساواة، عمل مستشارًا للبنك الدولي، وهو زميل مركز الأبحاث الاقتصادية والسياسية في واشنطن، واختير واحدًا من أكثر الشخصيات المؤثرة في العالم سنة 2014، حصل على عديد من الجوائز، بما في ذلك جائزة جونار ميردال للاقتصاد في عام 2003، وجائزة ليونتيف لتعزيز حدود الفكر الاقتصادي في عام 2005.
ومن أهم كتبه:
السامريون الأشرار.. الدول الغنية والسياسات الفقيرة وتهديد العالم النامي.
ركل السلم بعيدًا.. استراتيجيات التنمية والتطور قديمًا وحديثًا.
معلومات عن المترجم:
محمد فتحي كلفت: مترجم ومدون وكاتب مصري ولد في أسوان، ترجم عديدًا من الأعمال منها:
قصة العلوم.
مقدمة قصيرة عن الإيدز.