تميز العرب علمًا
تميز العرب علمًا
التربية في حضارة العرب قامت على أسس وليس بشكل عشوائي، لذا نتاج ثمارها كان مميزًا، بل هذا النتاج هو الذي أسس حضارة العرب التي تعد من أكبر حضارات العالم وأخلدها، فقد كانت التربية عند العرب معتمدة على أن يكون الفرد مواطنًا متعلمًا قويًّا مؤمنًا صاحب أخلاق وشجاعة ويتصف بالتضحية وأسُسها ثلاثة؛ الحرية والتعاون والمساواة، ومرَّت هذه التربية بعدة مراحل ليصبح لها ناتج مذهل، ولنتعرَّف على الجانب التربوي في هذه الحضارة قد نعود إلى الأبحاث المعتمدة والقرآن الكريم، وهو أصح ما يُسند إليه وشعر ما قبل الإسلام لأنه مرتبط بعصر الجاهلية وفيه مقومات ثقافتهم وعاداتهم.
ومما اتضح لنا أن الشخصية العربية في زمن الجاهلية وإن كانت تسميتهم هذه غير منصفة لأنهم اتسموا بالحكمة والعلم، فكان لهم تعلُّق بفكرة الألوهية فقد آمنوا بإله واحد لكنهم أشركوا به عدة آلهة مثل السومريين والمصريين والآشوريين، وقد اختلفوا في الشركاء، فمنهم من اتخذ الملائكة أو الشياطين أو الكواكب أو الأصنام شركاء لله، والأولون اعتقدوا أن هناك وسائط بينهم وبين ربهم والعامة اختلفوا عنهم في اعتقادهم، كما بلغوا رُقيًّا رفيعًا في مستواهم باللغة العربية وفصاحتها، فقد وُجدت عنهم نصوص شعر جاهلي راقٍ فصيح ترجع إلى فترة من القرن الثالث إلى الخامس الميلادي، وكان فيهم خطباء وشعراء وكُتاب عرفوا القراءة والكتابة والقلم، وقد ذُكرت بالقرآن أدوات للكتابة كانت موجودة في عصرهم والمِداد والسجل والصُّحف، وذاعت بينهم الكتابة بغير العربية أيضًا مثل السريانية والعبرانية وغيرها كما ورد في قصة النبي لما أمر كاتبه زيد بن ثابت بتعلم العبرانية، وهذا يدل على مدى كمال ورقي اللغة والأدب والثقافة في عصرهم.
وقد قال ابن قتيبة عن العرب إنهم ممن كانوا يعظمون الخط، وقد بلغ عدد كُتَّاب النبي (صلى الله عليه وسلم) ما يزيد عن الأربعين وكان أكثرهم من الشبان والمدنيين، وكانت الكتاتيب معروفة في مصر والشام وفارس والعراق قبل الإسلام أيضًا.
الفكرة من كتاب التربية والتعليم في الإسلام
امتدَّت الحضارة العربية الإسلامية وشملت غالب الجوانب لتأسيس حضارة عظيمة ظاهريًّا وباطنيًّا، وقامت على طابعين أساسيين؛ اللغة والدين، لذا كان لها المزيج العربي الإسلامي، وتميَّزت الحضارة العربية بأنها جمعت أزمنة متعدِّدة لعدة دول مختلفة الهويَّات والأجناس، وفي هذا الكتاب يأخذنا الكاتب محمد طلس في رحلة مشوِّقة حول الحضارة العربية الإسلامية، وبشكل خاص حول التربية والتعليم في هذه الحضارة وعوامل قيامها وأهدافها ردًّا على الزاعمين بعدم وجود أساس علمي تربوي في الحضارة العربية الإسلامية، وأنه لا أصل لوجود علماء مسلمين عرب وضعوا أسسًا للعلوم والطب والهندسة، وغيرها.
مؤلف كتاب التربية والتعليم في الإسلام
محمد أسعد طلس: هو كاتب ومفكر وأديب وسياسي سوري معروف من أهل حلب، وقد حصل على ليسانس آداب لغة عربية ثم الماجستير في بحثه عن يوسف بن عبد الهادي، ثم حصل على الدكتوراه بإشراف من الأستاذين طه حسين وإبراهيم مصطفى، وكان من كبار موظفي وزارة الخارجية في سوريا خلال خمسينيات القرن العشرين، مثَّل بلدهِ سوريا في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وكان مستشارًا لهيئة الأمم المتحدة في اليونان، ولهُ مؤلفات تاريخية وأدبية عديدة منها: “تاريخ الأمة العربية”، و”الآثار الإسلامية والتاريخية في حلب”، و”تسهيل الإملاء بالطريقة الاستنباطية”، و”مصر والشام في الغابر والحاضر”.