تلبية الاحتياجات
تلبية الاحتياجات
ليس من السهل إزاحة الأقنعة التي اعتاد الشخص لبسها، ولكن حينما يتقبّل أحدهم طبيعة الشخص المفرط الحساسيّة سنجد فرحة وأملًا في قلب هذا الشخص التوّاق إلى الفهم بسبب معاناته من ذاته المنبوذة المخفية في الظلّ، وكلّ ذلك يرجع إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية التي قد تكون احتياجات شخصية، مثل الحاجة إلى اليقين والثقة والتنوع والشعور بالأهمية والحب والتواصل، أو قد تكون احتياجات روحية مثل الحاجة إلى النمو والعطاء والمشاركة، وعلى كلّ حال فمن الضروريّ أن تُلبى بشكل صحيّ واضح، مع اعتبارها كذلك مختلفة الشكل عند الأشخاص، أي إن البعض قد يمثل له الأمن المادي احتياج اليقين، بينما لدى آخرين قد يتمثل اليقين في الحب.
والمعضلة أن مفرطي الحساسية يلبون احتياجاتهم بشكل غير صحيّ، فهم على يقين أنهم سيحصلون على الحب والتواصل إذا أعطوه للآخرين، وهم بهذا يشبعون حاجاتهم بطريقة غير واعية، إذ إنهم يشعرون كذلك بالأهمية إذا كان الجميع بحاجة إلى مساعدتهم فيعملون على ذلك طوال الوقت، وهذا النمط قد يؤدي بهم إلى الشعور بالاستنزاف وخيبة الأمل، لأنهم من الممكن ألا يتلقوا هذه المساعدات التي يعطونها للآخر، ولذلك يجب اللجوء إلى تلبية الاحتياجات من خلال الطرائق الصحية، كالعمل التطوعي والاعتناء بالحيوانات وإفساح المجال للعلاقات الحقيقية المتوازنة، لأن طريقة تلبيتهم للاحتياجات تؤثر في محيطهم وحياتهم وعلاقاتهم، فبسبب عدم تقديرهم لذواتهم قد يجذبون إليهم من يستغلهم لمصلحته، أو يرضون بمن لا يحبهم حبًّا كاملًا ولا يقدرهم حق التقدير.
وكذلك فإن مفرطي الحساسية يحبون الاعتناء بآبائهم وأفراد أسرتهم، لذا نخشى أن ينتهي بهم الحال إلى الانجذاب العاطفيّ نحو أناس يستطيعون أن يمارسوا عليهم الوظيفة ذاتها، ولذلك نقول إن من المهم معالجة مشكلات الماضي والأنا المجروحة في الطفولة، حتى لا يستغلها أحد المصابين بداء النرجسيّة أو الأنانية، فالأشخاص المفرطو الحساسيّة يفتقرون إلى التوازن في الحياة؛ التوازن بين الإسراف في العطاء وعدم الأخذ، والتوازن بين الأنانية ونكران الذات، والتوازن بين التعلق المرضي والاستقلال التام، والتوازن بين الخنوع والتسلطية، لذا من المهم أن يبحثوا داخل أنفسهم، ويواجهوا تخبطات الماضي، وشخصيات الظلّ التي أودت بهم إلى ذلك.
الفكرة من كتاب دليل الأفراد مفرطي الحساسية.. كيف تغير شعورك بالضغط والإنهاك النفسي إلى شعور بالتمكن والكمال؟
هل لاحظت أن البعض قد يركّز على التفاصيل بشكل حاد ولا ينسى بسهولة؟ فمن الممكن أن تجد شخصًا ما زال يذكر كيف قد جرحك بكلمة ثقيلة قبل خمسة أشهر من الآن، في حين أنك قد نسيت ذلك، بل ونسيت تفاصيل ليلة البارحة بكل ما فيها!
إذًا.. فأين يقع الاختلاف بينك وبينه؟ وهل سمعت بعبارة “إنه فرد مفرط الحساسيّة“؟ ذاك الذي يتماهى شعوره مع كلّ الأشياء، حلوها ومرّها، إنّ هذا الكتاب سيشرح لك من هذه الفئة، وكيف يعانون، وما يجب أن يحصل كي يتقبلوا أنفسهم ويواجهوا التحديات.
مؤلف كتاب دليل الأفراد مفرطي الحساسية.. كيف تغير شعورك بالضغط والإنهاك النفسي إلى شعور بالتمكن والكمال؟
ميل كولينز: مؤلفة ومستشارة علاج نفسي، عملت في مجالات مختلفة، فقد كانت موظفة لدى أحد البنوك، وكذلك جرّبت العمل موظفة داخل السجن، ودعاها جيريمي فاين في برنامج “BBC Radio 2” للحديث عن الأشخاص المفرطي الحساسيّة كونها قد عانت في حياتها من هذه السمة. ومن أعمالها:
Positive Affirmations for Sensitive People: Embrace Your Empathy and Love Your Gift.
معلومات عن المترجم:
حسام الشرقاوي: ترجم عديدًا من الأعمال، من أبرزها: كتاب “أطفال العصر الرقمي.. كيفية التوازن في المشاهدة الرقمية وبيان دواعي أهميتها“، وكتاب “صولات على البساط الكروي”.