تكنولوجيا النانو والبيئة
تكنولوجيا النانو والبيئة
غيَّرت الثورة الصناعية ملامح الحياة البشرية وأحدثت نقلة نوعية في اقتصادات دول العالم والتي تزامنت مع دعوة آدم سميث -أشهر الاقتصاديين الكلاسيكيين- في كتابه “ثروة الأمم” إلى التخصُّص وتقسيم العمل، فزادت العملية الإنتاجية بمعدَّلات غير مسبوقة، ولكن وكما لكل شيء تكلفة، جاء هذا التقدم الاقتصادي وزيادة الإنتاج على حساب البيئة فزادت أيضًا معدلات التلوث بشكل غير مسبوق، ووصلت حد الخطر إلى أن تهدِّد الكوكب بأكمله، لا سيما مع تسابق الدول النامية إلى تحريك آلتها الإنتاجية للحاق بركب الدول الصناعية الكبرى، أضف إلى ذلك تلك الآلة العسكرية ومخلَّفاتها التي تتسم بأضرار طويلة الأمد وتستعصي على المعالجة.
ومما يُصعِّب عملية الحد من التلوُّث أو إيجاد طرائق وأساليب مجدية لمواجهتها تعارض المصالح الدولية، بالإضافة إلى ترابط المشكلات البيئية وتداخلها بعضها مع بعض بسبب الروابط البينية بين مشكلات التلوث، كما تبرز قضية الزيادة السكانية التي تؤدي إلى مزيد من الضغط على الموارد وزيادة الاستهلاك مما يؤدي بالتبعية إلى زيادة معدلات التلوث، وعلى ذلك اتجه الإنسان إلى ابتكار حلول فعالة للحفاظ على البيئة، وهنا يأتي دور التكنولوجيا النانوية وتطبيقاتها كأحد الحلول المبتكرة التي أظهرت فاعلية ملحوظة في معالجة بعض أشكال التلوُّث.
فعلى سبيل المثال: تأتي قضية تنقية المياه على سُلَّم أولويات البشر نظرًا إلى أهميته الحيوية للوجود البشري، وكذا ندرة الموجود من المياه العذبة على سطح هذا الكوكب الأزرق، وقد أثبتت التجارب فاعلية بعض المواد النانوية -وبخاصةٍ حبيبات فلز الحديد- على معالجة المياه الملوَّثة وفصل المواد العضوية السامة، وذلك عندما يتم تصغيرها إلى أبعاد نانوية معيَّنة، وكذا معالجة المياه الجوفية وتحلية مياه البحار والمحيطات وبخاصةٍ في الدول التي تقع داخل نطاق حزام الفقر المائي، وكذلك قد تستخدم المواد النانوية -وبخاصةٍ مساحيق ثاني أكسيد التيتانيوم- في تنقية الهواء وصناعة مواد أكثر مقاومة للبكتيريا والتراب والعفن الفطري والعديد من المواد العضوية الأخرى.
الفكرة من كتاب تكنولوجيا النانو.. من أجل غدٍ أفضل
عام 1959 وأمام الجمعية الفيزيائية الأمريكية تساءل الفيزيائي الأمريكي الشهير “ريتشارد فاينمان” (ماذا سيمكن للعلماء فعله إذا استطاعوا التحكُّم في تحريك الذرَّة الواحدة، وإعادة ترتيبها كما يريدون؟).
لقد كان التطوُّر التقني الهائل هو السمة الفريدة في القرن العشرين الذي ودَّعناه قبل عقدين من الزمان، ومع بدايات القرن الحالي برز إلى الأضواء مصطلح تكنولوجيا النانو، والتي نظر إليها البعض على أنها المصباح السحري لحل جميع مشكلات البشر، لذا تأتي أهمية هذا الكتاب لسرد القصة من البداية، حيث يُطلعك على تاريخ الثورة النانوية وأهم مزاياها، وكذا الأخطار المحتملة المترتِّبة عليها، ويتطرَّق إلى تطبيقاتها الواسعة في بعض مجالات الحياة كالطب والغذاء والبيئة.
مؤلف كتاب تكنولوجيا النانو.. من أجل غدٍ أفضل
محمد شريف الإسكندراني: ولد بالقاهرة عام 1956، تخرج في كلية الهندسة – جامعة الأزهر عام 1981، حصل على الماجستير عام 1988 والدكتوراه عام 1992 في المواد المتقدِّمة وتكنولوجياتها من جامعة طوكيو باليابان، ومنذ عام 2007 وهو يعمل باحثًا ومستشارًا علميًّا بمكتب المدير العام لمعهد الكويت للأبحاث العلمي، كما عمل أستاذًا مساعدًا ثم أستاذًا لتكنولوجيا النانو والمواد المتقدمة لمعهد بحوث المواد بجامعة طوكيو حتى عام 2002، وحصل على جائزة الدولة المصرية في العلوم الهندسية عامي 1994، و2003 والميدالية الذهبية من جمعية الفلزات اليابانية عام 1997، كما حصل على أربع براءات اختراع في مواضيع متعلقة بإنتاج مواد النانو وتطبيقاتها التكنولوجية.
له العديد من الأبحاث في المجلات العلمية المتخصِّصة في علوم المواد وتكنولوجيا النانو بالولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا وهولندا، كما أنه مؤلف كتاب “تكنولوجيا النانو من أجل غد أفضل”.